﴿وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا *إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا﴾ (١)
وعكسه قوله - تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ (٢).
والغرض العام من الالتفات في جميع المواضع التي ورد فيها هو تنبيه القارئ والمستمع لأن انتقال الكلام من الغيبة إلى الخطاب أو التكلم أو العكس ونحو ذلك مما بنيه القارئ والمستمع، وأدعى للصفاء، وأبعث على النشاط (٣)، بخلاف ما إذا جاء الكلام على وتيرة واحدة، فإن القارئ أو المستمع قد يغفل أو يمل.
وهناك غرض خاص في كل التفات بكل موضع بحسبه، وقد يكون هذا الغرض ظاهرًا كما في قوله -تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ (٤). ثم قال: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ (٥) فقوله: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ التفات للخطاب بعد الغيبة في قوله: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾.
والغرض من مجيء الكلام أولا بضمير الغيبة كراهية مواجهة الرسول - ﷺ - بذلك فلم يقل: «عبست وتوليت أن جاءك الأعمى». بينما خاطبه مواجهة بقوله: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ إذ لا غضاضة، ولا
_________
(١) سورة الإنسان، الآيتان: ٢١ - ٢٢، انظر: «الجامع لأحكام القرآن» ١: ١٤٥، «البحر المحيط» ١: ٢٤.
(٢) سورة يونس، الآية: ٢٢.
(٣) انظر: «الكشاف» ١: ١٠.
(٤) سورة عبس، الآية: ١ - ٢.
(٥) سورةة عبس، الآية: ٣.


الصفحة التالية
Icon