واسمه «الله» و ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ متعلق بربوبيته واسمه «الرب». فقدم ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ على ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾، كما تقدم اسم... «الله» على «الرب» في أول السورة (١)، ولأن ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ قسم الرب، فكان من الشطر الأول، الذي هو ثناء على الله تعالى، لكونه أولى به و ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قسم العبد، فكان من الشطر الذي له وهو ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ إلى آخر السورة، لأن العبادة المطلقة تتضمن الاستعانة من غير عكس، فكل عابد لله تعالى عبودية تامة مستعين به، ولا ينعكس، لأن صاحب الأغراض والشهوات قد يستعين به على شهواته فكانت العبادة أكمل وأتم، ولهذا كانت قسم الرب، ولأن الاستعانة جزء من العبادة، من غير عكس، ولأن الاستعانة طلب منه، والعبادة طلب له، ولأن العبادة لا تكون إلا من مخلص، والاستعانة تكون من مخلص ومن غير مخلص، ولأن العبادة حقه الذي أوجبه عليك، والاستعانة طلب العون على العبادة، وهو بيان صدقته التي تصدق بها عليك، وأداء حقه أهم من التعرض لصدقته. ولأن العبادة شكر نعمته عليك، والله يحب أن يشكر. والإعانة فعله بك، وتوفيقه لك.
فإذا التزمت بعبوديته، ودخلت تحت رقها أعانك عليها، فكان التزامها والدخول تحت رقها سببًا لنيل الإعانة، وكلما كان العبد أتم عبودية كانت الإعانة من الله له أعظم. والعبودية محفوفة بإعانتين إعانة
_________
(١) انظر «مجموع الفتاوي» ١٤: ١٣، «دقائق التفسير» ١: ١٧٧.