وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} (١)
أي انتصروا للحق وأهله. ولقد كان الشعر في صدر الإسلام من أقوى أسلحة الدعوة وأعظمها.
فعن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله - ﷺ - قال: «اهجوا قريشًا، فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل»، فأرسل إلى ابن رواحة، فقال: «أهجهم»، فهجاهم، فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه، قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه، فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحق، لأفرينهم بلساني، فري الأديم. فقال رسول الله - ﷺ -: «لا تعجل، فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسباً، حتى يلخص لك نسبي» فأتاه حسان، ثم رجع فقال: يا رسول الله، قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم، كما تسل الشعرة من العجين. قالت عائشة فسمعت رسول الله - ﷺ - يقول لحسان: «إن روح القدس، لا يزال يؤيدك، ما نافحت عن الله ورسوله» وقالت: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: «هجاهم حسان فشفى واشتفى».
قال حسان:

هجوت محمدًا فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء
_________
(١) سورة الشعراء، الآية: ٢٢٤ - ٢٢٧.


الصفحة التالية
Icon