﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى﴾.
﴿فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا﴾ أي فحذرتكم يا أهل مكة نار الآخرة.
﴿تَلَظَّى﴾ تشعل وتتوقد وتتوهج.
﴿لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى﴾.
﴿لَا يَصْلَاهَا﴾ يعني: لا يحترق بها ولا يجد صلاها وهو حرها.
﴿إِلَّا الْأَشْقَى﴾ يعني: الذي قدرت له الشقاوة، والشقاوة ضد السعادة وهو المكذب بالدين والمعرض عنه.
﴿الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ أي: كذب بالحق الذي جاءت به الرسل.
﴿وَتَوَلَّى﴾ يعني: أعرض عن طاعة الله، وأعرض عما جاءت به رسله فهذا هو الشقي.
﴿وَسَيُجَنَّبُهَا﴾ أي: يجنب هذه النار التي تلظى ويبعد عنها.
﴿الْأَتْقَى﴾ والأتقى اسم تفضيل من التقوى يعني الذي اتقى الله تعالى حق تقاته.
﴿الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى﴾ يعني: يعطي ماله من يسحقه على وجه يتزكى به، أي: يطلب بذلك أن يكون عند الله زكيًا.
﴿وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى﴾ أي: إنه لا يتصدق بماله ليجازي بصدقته نعمةً لأحد من الناس عنده ويكافئه عليها.
﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى﴾ فهو لا ينفق إلا طلب وجه الله، ولهذا كان من كمال الإخلاص أن لا يجعل العبد عليه منه لأحد من الناس، لتكون معاملته كلها لله ابتغاء وجهه، وطلب مرضاته، فكما أن هذه الغاية أعلى الغايات وهذا المطلوب أشرف المطالب، فهذا الطريق أقصر الطرق إليه وأقربها وأقومها.