المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا أما بعد فإن من أجلِّ العلوم قدرًا، وأرفعها ذكرًا، العلم المتعلق بأشرف الكلام وأجله وأسماه كلام الله جل في علاه، وهو علم التفسير، إذ أن المشتغل به آخذ بروح التلاوة ولبها، ومقصودها الأعظم ومطلوبها الأهم، الذي تشرح به الصدور، وتستنير بضيائه القلوب، وهو التدبر، كما قال تعالى: ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾ [ص: ٢٩].
كما أن في الاشتغال به تحصيلاً لمنافع الدنيا والآخرة؛ لأنه المصدر الأول لها ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون كل الحرص على الجمع بين حفظ القرآن وفهمه. روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي - ﷺ - أنهم كانوا يقترئون من رسول الله - ﷺ - عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل، قالوا: فعلمنا العلم والعمل.
ومن خلال فهم معاني القرآن وتدبره يحصل التلذذ به، وتقوى الرغبة في المداومة مع التعبد لله تعالى بتلاوته، ولذا يقول الطبري في مقدمة تفسيره: «إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله كيف يتلذذ بقراءته».
وأحب الخلق إلى الله تعالى أعلمهم بما أنزل كما أورد ذلك القرطبي عن مجاهد رحمه الله تعالى.