﴿وَمَا يُدْرِيكَ﴾ أي: يا محمد أي شيء يريبك أن يتزكى هذا الرجل الأعمى ويقوى إيمانه.
﴿لَعَلَّهُ﴾ أي لعل ابن أم مكتوم.
وقد جاءت الآية: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾ بصيغة الحكاية عن أحد آخر غائب غير المخاطب، وفي هذه أسلوب رفيع في تعلم الأدب وحسن المعاتبة، وهو تلطف في حق النبي - ﷺ - وإجلالاً له، وفي الآيات بيان حقيقة هذه الدعوة وكرامتها وعظمتها واستغنائها عن كل أحد وعن كل سند والعجب أن هذا في مكة، والدعوة مطاردة، والمسلمون قلة، ومع ذلك كانت المعاتبة للنبي - ﷺ -.
﴿يَزَّكَّى﴾ أي: يتطهر من الذنوب والأخلاق التي لا تليق بأمثاله، فإذا كان هذا هو المرجو منه فإنه أحق أن يلتفت إليه.
﴿أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى﴾ يعني: وما يدريك لعله يذكر، أي: يتعظ فتنفعه الموعظة، فإنه رضي الله عنه أرجى من هؤلاء أن يتعظ ويتذكر.
﴿أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى﴾ أي: استغنى بماله لكثرته، واستغنى بجاهه لقوته عن الإيمان بالله، وهم العظماء الذين عند النبي - ﷺ -.
﴿فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى﴾ أي: تتعرض وتطلب إقباله عليك وتقبل عليه.
﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ يعني: ليس عليك شيء إذا لم يتزكى هذا المستغني، لأنه ليس عليك إلا البلاغ.
﴿وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى﴾ أي: وصل إليك مسرعًا في المجيء، طالبًا منك أن ترشده إلى الخير، وتعظه بمواعظ الله.