ثم لما ذكر الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة النعم العظيمة، ووجوب طاعة الله ومراقبته، وأن كل ما يعمله الإنسان محصى ومكتوب له أو عليه ذكر منازل المطيعين ومنازل العاصين، فقال سبحانه:
﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ * يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ * وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلهِ﴾.
﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ﴾ هذا بيان للنهاية والجزاء، والأبرار جمع بر وهم كثيروا فعل الخير والطاعات، المتباعدون عن الشر، القائمون بحقوق الله وحقوق عباده.
﴿لَفِي نَعِيمٍ﴾ أي: نعيم في القلب، ونعيم في البدن.
﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ﴾ الفجار: هم الكفار الذين كفروا بربهم وقصروا في حقوق الله وحقوق عباده.
﴿لَفِي جَحِيمٍ﴾ أي: في نار حامية.
﴿يَصْلَوْنَهَا﴾ يعني: يدخلونها ويحترقون بها.
﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾ أي: يوم الجزاء وذلك يوم القيامة.
﴿وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ﴾ أي: لن يغيبوا عنها فيخرجوا منها.
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ هذا الاستفهام للتفخيم والتعظيم.
﴿ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ تأكيد: أي: ما أعلمك ما يوم الحساب والجزاء وما فيه من أهول وشدائد، ثم يأتي الجواب الواضح، يبين حال الإنسان وواقعه في ذلك اليوم.
﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ يوم القيامة لا أحد يملك لأحد شيئًا لا يجلب خير ولا بدفع ضرر إلا بإذن الله عز وجل.