وفي الآية توسل إلى الله بنعمه، وإحسانه إلى من أنعم عليه بالهداية؛ أي قد أنعمت بالهداية على من هديت، وكان ذلك نعمة منك. فاجعل لي نصيبًا من هذه النعمة، واجعلني واحدًا من هؤلاء المنعم عليهم، فهو توسل إلى الله بإحسانه.
﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾.
﴿غَيْرِ﴾ أي: غير صراط.
﴿الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ المغضوب عليهم هم اليهود، فهم علموا الحق فتركوه، وحادوا عنه على علم؛ فاستحقوا غضب الله.
﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾ هم النصارى، وهم الذين حادوا عن الحق جهلاً فكانوا على ضلال مبين.
ومعنى آمين: اللهم استجب لنا، وليست آية من سورة الفاتحة، وفي الحديث عن أبي هريرة، أن رسول الله - ﷺ -
قال: «إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء: آمين فوافقت إحدهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري.
وهذه السورة العظيمة على إيجازها احتوت على أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية: ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وتوحيد إلهية، وهو إفراد الله بالعبادة وحده، من قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ وتوحيد الأسماء والصفات، وقد دل عليه لفظ ﴿الْحَمْدُ﴾.
وتضمنت إثبات النبوة في قوله: ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ وإثبات الجزاء والبعث في قوله: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ وتضمنت إخلاص العبادة لله وحده لا شريك له في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾.


الصفحة التالية
Icon