قوم من المشركين بمكة، أو في قوم من اليهود والنصارى، أو في قوم من المؤمنين.
فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم؛ فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا؟ فلم يقل أحد: إن عمومات الكتاب والسنّة تختص بالشخص المعيّن، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص؛ فنعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ، والآية التي لها سبب معيّن إن كانت أمراً ونهياً؛ فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإن كانت خبراً بمدح أو ذم؛ فهي متناوله لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته" (١).
قلنا: وما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- هو الراجح في هذه المسألة عند جمهور العلماء من الأصوليين والمفسرين.
* تعدد الأسباب والنازل واحد:
قال الزرقاني: "إذا جاءت روايتان في نازل واحد من القرآن وذكرت كل من الروايتين سبباً صريحاً غير ما تذكره الأخرى، نظر فيهما:
فإما أن تكون إحداهما صحيحة والأخرى غير صحيحة.
وإما أن تكون كلتاهما، ولا مرجح لأحدهما على الأخرى، ولكن يمكن الأخذ بهما معاً.
وإما أن تكون كلتاهما صحيحة ولا مُرجِّح ولا يمكن الأخذ بهما معًا.
فتلك صور أربع لكل منها حكم خاص نسوقه إليك:
أما الصورة الأولى: وهي ما صحت فيه إحدى الروايتين دون