الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)}.
* عن زيد بن أسلم؛ قال: مرَّ شاس بن قيس -وكان شيخاً قد عسا في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين، شديد الحسد لهم- على نفر من أصحاب رسول الله - ﷺ - من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه؛ فغاظه ما رأى من جماعتهم وألفتهم وصلاح ذات بينهم على الإِسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فقال: قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار؛ فأمر فتى شاباً من اليهود -وكان معه- قال: اعمد إليهم، فاجلس معهم، وذكرهم يوم بعاث، وما كان قبله، وانشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار -وكان يوم بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج-؛ ففعل؛ فتكلم القوم عند ذلك؛ فتنازعوا، وتفاخروا؛ حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب: أوس بن قيظي أحد بني حارثه بن الحارث من الأوس وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج، فتقاولا، ثم قال أحدهما لصاحبه: إن شئتم والله رددناها الآن جذعه؛ وغضب الفريقان، وقالوا: قد فعلنا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة، والظاهرة: الحرة؛ فخرجوا إليها وتحاور الناس، فانضمت الأوس بعضها إلى بعض، والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية، فبلغ ذلك رسول الله - ﷺ -، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه حتى جاءهم، فقال: "يا معشر المسلمين! الله الله، أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؛ بعد إذ هداكم الله إلى الإِسلام وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم عليه كفاراً؟! "؛ فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوهم، فالقوا السلاح من أيديهم وبكوا وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضاً، ثم انصرفوا مع رسول الله - ﷺ - سامعين


الصفحة التالية
Icon