"أسألكم بكتابكم الذي تقرؤون به: هل تجدون به قد بشّر بي عيسى ابن مريم أن يأتيكم رسول اسمه أحمد؟ ".
فقالوا: اللهم وجدناك في كتابنا، ولكنّا كرهناك؛ لأنك تستحل الأموال، وتهريق الدماء؛ فأنزل: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ﴾ (١). [ضعيف جداً]

(١) أخرجه ابن جرير في "جامع البيان" (١/ ٣٤٨): ثنا ابن حميد ثنا يحيى بن واضح ثنا عبيد الله العتكي عن رجل من قريش به.
قلنا: وسنده ضعيف جداً، فيه أربع علل:
الأولى: ابن حميد متهم.
الثانية: الإرسال.
الثالثة: جهالة هذا الرجل من قريش، ولا يقال: لعله صحابي؛ فإن عبيد الله العتكي لا يروي إلا عن التابعين.
الرابعة: نكارة متنه؛ لأن النبي - ﷺ - سأل اليهود عن بشارة عيسى وهم لا يؤمنون به!! والحديث سكت عنه الحافظ في "العجاب" (١/ ٣٠٠) موهماً ثبوته، حيث جعله يصلح لسبب معاداتهم للرسول - ﷺ -.
والراجح: أن هذه الآية نزلت بسبب مناظرة جرت بين اليهود وبين الرسول - ﷺ - في أمر نبوته؛ لأنها ثابتة بالأسانيد الصحيحة.
وأما ما قيل في سبب نزولها من مناظرة جرت بين اليهود وبين عمر -رضي الله عنه- في أمر النبي أو غير ذلك؛ فلم يثبت فيه شيء -كما تقدم بيانه-.
وأخرج البخاري (رقم ٤٤٨٠): أن عبد الله بن سلام سأل رسول الله - ﷺ - عن الأسئلة التي سألها اليهود من قبل، وأن الرسول - ﷺ - قرأ عليه هذه الآية. ولا يدل هذا على نزولها بسبب سؤالات عبد الله بن سلام، وهذا ما رجَّحه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في "فتح الباري" (٨/ ١٦٦) حيث قال: "... وهذه طرق يقوي بعضها بعضاً، ويدل على أن سبب نزول الآية قول اليهودي المذكور، لا قصة عبد الله بن سلام، وكان النبي - ﷺ - لما قال له عبد الله بن سلام: إن جبريل عدو اليهود؛ تلا عليه الآية؛ مذكراً سبب نزولها".
واختلف أهل العلم في سبب عداوة اليهود لجبريل -عليه السلام-:
قال الحافظ في "العجاب" (١/ ٢٩٨): "وحاصل ما ذكر فيه ثلاثة أقوال: =


الصفحة التالية
Icon