فأخبرنا رسول الله بعدتنا، فسره ذلك؛ فحمد الله، وقال: "عدة أصحاب طالوت"، ثم إنا اجتمعنا مع القوم فصففنا، فبدرت منا بادرة أمام الصف، فنظر رسول الله - ﷺ - إليهم فقال: "معي معي"، ثم إن رسول الله - ﷺ - قال: "اللهم إني أنشدك وعدك"، فقال ابن رواحة: يا رسول الله! إني أريد أن أشير عليك، ورسول الله - ﷺ - أفضل من يشير عليه، إن الله -عزّ وجلّ- أعظم من أن تنشده وعده، فقال: "يا ابن رواحة! لأنشدن الله وعده؛ فإن الله لا يخلف الميعاد"، فأخذ قبضة من التراب فرمى بها رسول الله - ﷺ - في وجوه القوم، فانهزموا؛ فأنزل الله -عزّ وجلّ-: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ فقتلنا وأسرنا، فقال عمر -رضي الله عنه-: يا رسول الله! ما أرى أن يكون لك أسرى، فإنما نحن داعون مولفون، فقلنا: معشر الأنصار! إنما يحمل عمر على ما قال حسد لنا، فنام رسول الله - ﷺ - ثم استيقظ، ثم قال: "ادعوا لي عمر" فدعي له، فقال: "إن الله -عزّ وجلّ- قد أنزل علي: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧)﴾ " (١). [صحيح]

(١) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٤/ ١٧٤، ١٧٥ رقم ٤٠٥٦) -وعنه ابن مردويه في "تفسيره"؛ كما في "تفسير القرآن العظيم" (٢/ ٢٩٩) -، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥/ ١٦٥٩ رقم ٨٨٠٥، ص ١٦٦٠، ١٦٦١ رقم ٨٨١٤، ٨٨١٦، ٨٨١٧) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران عن أبي أيوب به.
قلنا: وهذا سند حسن؛ رجاله ثقات؛ عدا ابن لهيعة، وهو صدوق حسن الحديث قبل اختلاطه واحتراق كتبه، وحديثنا هذا من صحيح حديثه؛ فإن زيد بن الحباب رواه عنه عند ابن أبي حاتم، وزيد سمع منه قبل احتراق كتبه؛ كما قال أبو الفتح ابن سيد الناس اليعمرى في "النفح الشذي" (٢/ ٨٠٣).
وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" (٣/ ٣٧) من طريق يعقوب بن سفيان أخبرنا سعيد بن أبي مريم أخبرنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب حدثني أسلم أبو عمران أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول: قال لنا رسول الله - ﷺ - ونحن =


الصفحة التالية
Icon