.....................

= فقال العباس: هل أنت منته؟ فإن الكذب فيك وفي أهل بيتك، فقال من حضرهما: ما كنت يا أبا الفضل جهولاً، ولا خرقاً.
ولقى العباسُ من عاتكة فيما أفشى عليها من رؤياها أذى شديداً، فلما كان مساء الليلة الثالثة من الليلة التي رأت عاتكة فيها الرؤيا، جاءهم الراكب الذي بعث أبو سفيان، وهو ضمضم بن عمرو الغفاري فصاح فقال: يا آل غالب بن فهر انفروا فقد خرج محمد وأهل يثرب يعترضون لأبي سفيان فأحرزوا عيركم، ففزعت قريش أشد الفزع، وأشفقوا من رؤيا عاتكة.
وقال العباس: هذا زعمتم كذا، وكذّب عاتكة، فنفروا على كل صعب وذلول.
وقال أبو جهل: أيظن محمد أن يصيب مثل ما أصاب بنخلة، سيعلم أنمنع عيرنا أم لا؟! فخرجوا بخمسين وتسعمائة مقاتل وساقوا مائة فرس، ولم يتركوا كارهاً للخروج يظنون أنه في صَغْوِ محمد وأصحابه ولا مسلماً يعلمون إسلامه ولا أحداً من بني هاشم إلا من لا يتهمون إلا أشخصوه معهم، فكان ممن أشخصوا العباس بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث، وطالب بن أبي طالب، وعقيل بن أبي طالب، في آخرين فهنالك يقول طالب بن أبي طالب:
إمّا يخْرُجَنّ طالبْ بِمِقْنَبٍ من هذه المقانِبْ
في نَفْرٍ مقاتل محاربْ فيلكن المسلوبُ غير السالبْ
والراجع المغلوب غير الغالب
فساروا حتى نزلوا الجحفة. نزلوها عشاءً يَتَروُّون من الماء، وفيهم رجلٌ من بني المطلب بن عبد مناف، يقال له: جُهَيْمٌ بن الصلت بن مخرمة، فوضع جهيم رأسه فأغفى، ثم فزع فقال لأصحابه: هل رأيتم الفارس الذي وقف عليَّ آنفاً، فقالوا: لا، فإنك مجنون. فقال: قد وقف عليَّ فارس آنفاً؛ فقال: قتل أبو جهل، وعتبة، وشيبة، وزمعة، وأبو البختري، وأمية بن خلف، فعدَّ أشرافاً من كفار قريش، فقال له أصحابه: إنما لَعِب بك الشيطان، ورفع حديث جُهَيْم إلى أبي جهل، فقال: قد جئتمونا بكذب بني المطلب مع كذب بني هاشم، سَتَرَوْنَ غداً من يُقتل.
ثم ذُكر لرسول الله - ﷺ - عير قريش جاءت من الشام، وفيها: أبو سفيان بن حرب، ومخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص، وجماعة من قريش، فخرج إليهم =


الصفحة التالية
Icon