قال: فبايعته أول الناس، ثم بايع وبايع، حتى إذا كان في وسط من الناس؛ قال: "بايع يا سلمة! "، قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله! في أول الناس، قال: "وأيضاً"، قال: ورآني رسول الله - ﷺ - عزلاً؛ (يعني: ليس معه سلاح)، قال: فأعطاني رسول الله - ﷺ - حجفة أو درقة ثم بايع، حتى إذا كان في آخر الناس؛ قال: "ألا تبايعني يا سلمة؟! ".
قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله! في أول الناس، وفي أوسط الناس، قال: "وأيضاً"، قال: فبايعته الثالثة، ثم قال لي: "يا سلمة! أين حجفتك أو درقتك التي أعطيتك؟ "، قال: قلت: يا رسول الله! لقيني عمي عامر عزلاً، فأعطيته إياها، قال: فضحك رسول الله - ﷺ -، وقال: "إنك كالذي قال الأول: اللهم أبغني حبيباً هو أحب إليّ من نفسي".
ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا في بعض واصطلحنا، قال: وكنت تبيعاً لطلحة بن عبيد الله: أسقى فرسه، وأحسه، وأخدمه، وآكل من طعامه، وتركت أهلي ومالي مهاجراً إلى الله ورسوله - ﷺ -، قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة، واختلط بعضنا ببعض؛ أتيت شجرة فكسحت شوكها، فاضطجعت في أصلها، قال: فأتاني أربعة من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله - ﷺ -؛ فأبغضتهم؛ فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك؛ إذ نادى مناد من أسفل الوادي: يا للمهاجرين! قتل ابن زنيم، قال: فاخترطت سيفي، ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود، فأخذت سلاحهم، فجعلته ضغثاً في يدي، قال: ثم قلت: والذي كرم وجه محمد! لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه، قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله - ﷺ -، قال: وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له: مكرز يقوده إلى رسول الله - ﷺ - على فرس مجفف في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله - ﷺ -؛ فقال: "دعوهم يكن لهم