وأصحابه، حتى أتوا متضايقاً من ثنية فإذا اهم قد أتاهم فلان بن بدر الفزاري فجلسوا يتضحّون؛ (يعني: يتغدون)، وجلست على رأس قرن.
قال الفزاري: ما هذا الذي أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البرح، والله! ما فارقنا منذ غلس، يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا، قال: فليقم إليه نفر منكم أربعة، قال: فصعد إليّ منهم أربعة في الجبل، قال: فلما أمكنوني من الكلام؛ قال: قلت: هل تعرفوني؟ قالوا: لا، ومن أنت؟ قال: قلت: أنا سلمة بن الأكوع، والذي كرّم وجه محمد - ﷺ - لا أطلب رجلاً منكم إلا أدركته، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني، قال أحدهم: أنا أظن، قال: فرجعوا فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله - ﷺ - يتخللون الشجر، قال: فإذا أولهم الأخرم الأسدي على إثره أبو قتادة الأنصاري وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي، قال: فأخذت بعنان الأخرم، قال: فولوا مدبرين، قلت: يا أخرم! احذرهم، لا يقتطعوهم حتى يلحق رسول الله - ﷺ - وأصحابه، قال: يا سلمة! إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أن الجنة حق والنار حق؛ فلا تحل بيني وبين الشهادة، قال: فخليته، فالتقى هو وعبد الرحمن، قال: فعقر بعبد الرحمن فرسه، وطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول على فرسه.
ولحق أبو قتادة فارس رسول الله - ﷺ - بعبد الرحمن؛ فطعنه، فقتله، فوالذي كرّم وجه محمد - ﷺ - لتبعتهم أعدو على رجلي حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد - ﷺ - ولا غبارهم شيئاً، حتى يعدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء، يقال له: ذا قرد؛ ليشربوا منه وهم عطاش، قال: فنظروا إليّ أعدو وراءهم فحليتهم عنه؛ (يعني: أجليتهم عنه) فما ذاقوا منه قطرة، قال: ويخرجون فيشتدون في ثنية، قال: فأعدو فألحق رجلاً منهم، فأصكه بسهم في نُغض كتفه، قال: قلت: خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع، قال: يا ثكلته أمه! أكوعه بُكرة، قال: قلت: نعم، يا