يدخل مكة وهو وأصحابه آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين، فقال له أصحابه -حين نحر بالحديبية-: أين رؤياك يا رسول الله - ﷺ -؟! فأنزل الله -عزّ وجلّ-: ﴿لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ﴾ إلى قوله: ﴿فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾؛ يعني: النحر بالحديبية، ثم رجعوا ففتحوا خيبر، ثم اعتمر بعد ذلك، فكان تصديق رؤياه في السنة المقبلة (١).
* عن عطاء؛ خرج النبي - ﷺ - معتمراً، حتى أتى الحديبية، فخرجت إليه قريش، فردوه عن البيت، حتى كان بينهم كلام وتنازع؛ حتى كاد يكون بينهم قتال، قال: فبايع النبيَّ - ﷺ - أصحابُهُ، وعدتهم ألف وخمس مئة تحت الشجرة، وذلك يوم بيعة الرضوان، فقاضاهم النبي - ﷺ -، فقالت قريش: نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه، وتحلق وترجع، حتى إذا كان العام المقبل؛ نخلي لك مكة ثلاثة أيام، ففعل. قال: فخرجوا إلى عكاظ، فأقاموا فيها ثلاثًا، واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح إلا بالسيف، ولا تخرج بأحد من أهل مكة إن هرج معك، فنحر الهدي مكانه وحلق ورجع، حتى إذا كان في قابل تلك الأيام؛ دخل مكة، وجاء بالبدن معه، وجاء الناس معه، فدخل المسجد الحرام؛ فأنزل الله عليه: ﴿لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ الله آمِنِينَ﴾، قال: وأنزل عليه: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤]، فإن قاتلوكم في المسجد

(١) أخرجه الطبري في "جامع البيان" (٢٦/ ٦٨)، والبيهقي في "دلائل النبوة" (٤/ ١٦٤) من طرق عن ابن أبي نجيح عنه به.
قلنا: وهذا مرسل صحيح الإسناد.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٥٣٨) وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.


الصفحة التالية
Icon