الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} إلى: ﴿فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا﴾ [النساء: ٥١، ٥٢] ونزل عليه لما أرادوا أن يقتلوه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ﴾ [المائدة: ١١]؛ فقال رسول الله - ﷺ -: "من يكفني كعباً؟ "، فقال ناس من أصحابه فيهم ابن مسلمة: نحن نكفيك يا رسول الله! ونستحل منك شيئاً، فجاؤوه فقالوا: يا كعب إن محمداً كلفنا الصدقة فبعنا شيئاً.
قال عكرمة: فهذا الذي استحلوه من رسول الله - ﷺ -، فقال لهم كعب: أرهنوني أولادكم، فقالوا: إن ذاك عار فينا، غداً تبيح أن يقولوا: عبد وسق ووسقين وثلاثة، قال كعب: فاللامة، قال عكرمة: وهي السلاح، فأصلحوا أمرهم على ذلك فقالوا: موعد ما بيننا وبينك القابلة، حتى إذا كانت القابلة؛ راحوا إليه ورسول الله - ﷺ - في المصلى يدعو لهم بالظفر، فلما جاؤوا؛ نادوه: يا كعب! -وكان عروساً- فأجابهم، فقالت امرأته -وهي بنت عمير-: أين تنزل؟ قد أشم الساعة ريح الدم، فهبط وعليه ملحفة مورسة وله ناصية، فلما نزل إليهم؛ قال القوم: ما أطيب ريحك؛ ففرح بذلك، فقام محمد بن مسلمة: فقال قائل المسلمين: أشمونا من ريحه، فوضع يده على ثوب كعب، وقال: شموا فشموا، وهو يظن أنهم يعجبون بريحه؛ ففرح بذلك، فقال محمد بن مسلمة: بقيت أنا -أيضاً-، فمضى إليه فأخذ بناصيته ثم قال: اجلدوا عنقه، فجلدوا عنقه، ثم إن رسول الله - ﷺ - غدا إلى النضير، فقالوا: ذرنا نبك سيدنا، قال: "لا"، قالوا: فحزة على حزة، قال: "نعم، حزة على حزة"، فلما رأوا ذلك؛ جعلوا يأخذون من بطون بيوتهم الشيء لينجوا به، والمؤمنون يخربون بيوتهم من خارج ليدخلوا عليهم، فلولا أن كتب الله عليهم الجلاء.
قال عكرمة: والجلاء يجلون منهم ليقتلهم بأيديهم، وقال عكرمة: إنا ناساً من المسلمين لما دخلوا علي بني النضير؛ أخذوا يقطعون النخل، فقال بعضهم لبعض: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا﴾ [البقرة: