وجهه وجلده، وإذا أمرهم؛ ابتدروا أمره، وإذا توضأ؛ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا؛ خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر؛ تعظيماً له، وإنه قد عرض عليكم خطبة رشد فاقبلوها، فقال رجل من كنانة: دعوني آتيه، فقالوا: ائته، فلما أشرف على النبي - ﷺ - وأصحابه؛ قال رسول الله - ﷺ -: "هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن؛ فابعثوها له"؛ فبعثت له، واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك؛ قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه؛ قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت، فقام رجل منهم يقال له: مكرز بن حفص فقال: دعوني آته؛ فقالوا: ائته، فلما أشرف عليهم؛ قال النبي - ﷺ -: "هذا مكرز، وهو رجل فاجر"، فجعل يكلم النبي - ﷺ -، فبينما هو يكلمه؛ إذ جاء سهيل بن عمرو.
قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة: أنه لما جاء سهيل بن عمرو؛ قال النبي - ﷺ -: "قد سهل لكم من أمركم"، قال معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هاتِ اكتب بيننا وبينكم كتاباً، فدعا النبي - ﷺ - الكاتب، فقال النبي - ﷺ -: "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، فقال سهيل: أما الرحمن؛ فوالله ما أدري ما هي، ولكن اكتب: باسمك اللهم كما كنت تكتب، فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقال النبي - ﷺ -: "اكتب: باسمك اللهم"، ثم قال: "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله"؛ فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله؛ ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله، فقال النبي - ﷺ -: "والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب: محمد بن عبد الله"، قال الزهري: وذلك بقوله: "لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها"، فقال له النبي - ﷺ -: "على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به"، فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخذنا ضغطة، ولكن ذلك من العام المقبل، فكتب، فقال سهيل:


الصفحة التالية
Icon