.....................

= سعد بن هشام بن عامر أراد أن يغزو في سبيل الله، فقدم المدينة، فأراد أن يبيع عقارً له بها؛ فيجعله في السلاح والكراع، ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة؛ لقي أناساً من أهل المدينة فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطاً ستة أرادوا ذلك في حياة نبي الله - ﷺ - فنهاهم نبي الله - ﷺ -، وقال: "أليس لكم فيّ أسوة؟ "، فلما حدثوه بذلك؛ راجع امرأته، وقد كان طلقها، وأشهد على رجعتها، فأتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله - ﷺ -؛ فقال ابن عباس: ألا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله - ﷺ -؟ قال: من؟ قال: عائشة؛ فأتها فسألها، ثم ائتني فأخبرني بردها عليك، فانطلقت إليها، فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته إليها، فقال: ما أنا بقاربها؛ لأني نهيتها أن تقول في هاتين الشيعتين شيئاً فأبت فيها إلا مضياً، قال: فأقسمت عليه، فجاء فانطلقنا إلى عائشة، فاستأذنا عليها فأذنت لنا، فدخلنا عليها، فقالت: أحكيم؟ (فعرفته) فقال: نعم، فقالت: من معك؟ قال: سعد بن هشام، قالت: من هشام؟ قال: ابن عامر، فترحمت عليه، وقالت خيراً، (قال قتادة: وكان أصيب يوم أُحد)، فقلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن خلق رسول الله - ﷺ -؟ قلت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق نبي الله - ﷺ -كان القرآن، قال: فهممت أن أقوم ولا أسأل أحداً عن شيء حتى أموت، ثم بدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقالت: ألست تقرأ: ﴿يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)﴾؟ قلت: بلى، قالت: فإن الله -عزّ وجلّ- افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله - ﷺ - وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثنَىْ عشر شهراً في السماء، حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف؛ فصار قيام الليل تطوعاً بعد فريضة، قال: قلت: يا أم المؤمنين! أنبئيني عن وتر رسول الله - ﷺ -، فقالت: كنا نُعد له سِواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل؛ فيتسوك، ويتوضأ، ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد؛ فتلك إحدى عشر ركعة يا بني، فلما سن نبي الله - ﷺ - وأخذه اللحم؛ أوتر بسبع، وصنع في الركعتين صنيعة الأول؛ فتلك تسع يا بني، وكان نبي الله - ﷺ - إذا صلّى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل؛ صلى من النهار ثنتي عشرة =


الصفحة التالية
Icon