.....................

= والسورة مكية، فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أمية ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها، والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة؛ فهذا كله مما يدل على ضعف الحديث ونكارته -والله أعلم-".
قلنا: وهذا تحرير دقيق جداً؛ يدل على إمامة الحافظ وعلوّ كعبه في هذا الشأن --رحمه الله- رحمة واسعة-.
فالحاصل: أن الحديث أعل بعلل:
الأولى: جهالة يوسف بن سعيد، وتبين أنه ثقة مطلقاً.
الثانية: الانقطاع؛ كما قال الذهبي والحافظ ابن كثير.
الثالثة: نكارة متنه.
ونزيد علة رابعة -ذكرت- وهي الاضطراب:
قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (٤/ ٥٦٦): "ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل عن عيسى بن مازن (في الأصل: يوسف بن مازن)، كذا قال وهذا يقتضي اضطراباً في هذا الحديث -والله أعلم-".
قلنا: هذا لا يقتضي اضطراباً في الحديث؛ فقد رواه عن القاسم الطيالسي وموسى بن إسماعيل التبوذكي وقراد أبو نوح لم يختلفوا في تسميته (يوسف) وخالفهم سَلْم بن قتيبة فسماه (عيسى).
وسلم متكلم فيه؛ قال أبو حاتم: كثير الوهم ليس به بأس، وقال يحيى القطان: ليس من جمال المحامل، وهو دون الثلاثة في الضبط والإتقان، هذا أولاً.
وثانياً: في الطريق إلى سلم شيخ الطبري سهيل بن إبراهيم الجارودي؛ قال ابن حبان في "ثقاته" (٨/ ٣٠٣): "يخطئ ويخالف".
وقد يقال: إن الاضطراب الذي في سنده أنهم اختلفوا في رواية يوسف؛ فبعضهم قال: يوسف بن سعد الجمحي، وبعضهم قال: يوسف بن مازن الرؤاسي، وقد جرى معظم الأئمة كابن حبان والمزي والذهبي والعسقلاني وغيرهم على جعله واحداً، وخالف في ذلك البخاري وابن أبي حاتم، والصواب جعلهما واحداً -والله أعلم-.
وعليه: مما سبق يتبين لنا أن أقوى ما أعلّ به الحديث هي العلة الثانية والثالثة.
وقال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني -رحمه الله- في "ضعيف الترمذي" (ص ٤٣٦ رقم ٦٦٣): "ضعيف الإسناد، مضطرب، ومتنه منكر". =


الصفحة التالية
Icon