وقال ابن أبي يعلى: "قرأت في كتاب أبي الحسن ابن المنادي -وذكر عبد الله وصالحا- فقال: كان صالح قليل الكتاب عن أبيه "يعني الإمام أحمد" فأما عبد الله؛ فلم يكن في الدنيا أحد روى عن أبيه أكثر منه، لأنه سمع المسند وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مائة ألف وعشرون ألفاً، سمع منها ثمانن ألفاً والباقي وجادة" (١).
ولكن شكك فيه الحافظ الذهبي، فقال في ترجمة الإمام أحمد: "تفسيره المذكور شيء لا وجود له، ولو وجد لاجتهد الفضلاء في تحصيله، ولاشتهر، ثم لو ألف تفسيرا، لما كان يكون أزيد من عشرة آلاف أثر، ولاقتضى أن يكون في خمس مجلدات، فهذا تفسير ابن جرير الذي جمع فيه فأوعى لا يبلغ عشرين ألفا.
وما ذكر تفسير أحمد أحدٌ سوى أبي الحسن بن المنادي" (٢).
وقال في ترجمة ابنه عبد الله: "مازلنا نسمع بهذا (التفسير الكبير) لأحمد على ألسنة الطلبة، وعمدتهم حكاية ابن المنادي هذه، وهو كبير قد سمع من جده، وعباس الدوري، ومن عبدالله بن أحمد، لكن ما رأينا أحدا أخبرنا عن وجود هذا (التفسير)، ولا بعضه، ولا كراسة منه، ولو كان له وجود، أو لشيء منه؛ لنسخوه، ولاعتنى بذلك طلبة العلم، ولحصلوا ذلك، ولنقل إلينا، ولاشتهر، ولتنافس أعيان البغداديين في تحصيله، ولنقل منه ابنُ جرير فمن بعده في تفاسيرهم، ولا -والله- يقتضي أن يكون عند الامام أحمد في التفسير مئة ألف وعشرون ألف حديث، فإن هذا يكون في قدر (مسنده)، بل أكثر بالضعف.
ثم الإمام أحمد لو جمع شيئا في ذلك لكان يكون منقحا مهذبا عن المشاهير، فيصغر لذلك حجمه، ولكان يكون نحوا من عشرة آلاف حديث بالجهد، بل أقل.

(١) طبقات الحنابلة ١: ١٨٣، ونقل ذلك أيضا: الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) ٩: ٣٧٥، والذهبي في السير ١١: ٣٢٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ١١: ٣٢٨.


الصفحة التالية
Icon