أحدهما: أنه لم يثبت سماع أبي وائل عن معاذ، كان كان قد أدركه بالسن، وكان معاذ بالشام، وأبو وائل بالكوفة، وما زال الأئمة كأحمد وغيره يستدلون على انتفاء السماع بمثل هذا،.. وقد حكى أبو زرعة الدمشقي عن قوم أنهم توقفوا في سماع أبي وائل من عمر أو نفوه، فسماعه من معاذ أبعد.
والثاني: أنه قد رواه حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن شهر بن حوشب، عن معاذ. خرجه الإمام أحمد مختصرا، قال الدارقطني: وهو أشبه بالصواب".
وقد روي الحديث من طرق أخرى، منها:
١ - شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ -رضي الله عنه-.
أخرجه ابن ماجه (٧٢) في المقدمة: باب في الإيمان، وأحمد ٥: ٢٣٥، ٢٣٦ مختصرا، وأخرجه أحمد أيضا ٥: ٢٤٥، والبزار ٧: ١١١ (٢٦٦٩) مطولا، ولكن ليس فيه موضع الشاهد.
٢ - أبو بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه-.
أخرجه أحمد ٥: ٢٣٤، والبزار في مسنده ٧: ٩٤ رقم (٢٦٥١)، والطبراني في (مسند الشاميين) ٢: ٣٥٨ رقم (١٤٩٢)، وأبو نعيم في (الحلية) ٥: ١٥٤، كلهم من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- مرفوعا، بلفظ: (الجهاد عمود الإسلام، وذروة سنامه).
أبو بكر بن أبي مريم، ضعيف، وكان سرق بيته فاختلط. ينظر: التقريب ص ٦٢٣.
وعطية بن قيس؛ لم يسمع من معاذ -رضي الله عنه-. والمتن أيضا ليس فيه موضع الشاهد.
وهذا الحديث له طرق كثيرة بألفاظ مختلفة، وجمل كثيرة، وورد في بعضها ما ليس في الآخر، وفي بعض طرقه قوة يمكن القول بتحسين ما تضمنته من المتن، أما محل البحث هنا فلم أر له غير ما ذكرت، والله أعلم.