الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف، بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته وبيان أن ذلك من صفات الله ما يحالف كلام المتأولين ما لا يحصيه إلا الله، وكذلك فيما يذكرونه آثرين وذاكرين عنهم شيء كثير.
وتمام هذا أني لم أجدهم تنازعوا إلا في مثل قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم: ٤٢] فروي عن ابن عباس وطائفة أن المراد به الشدة، أن الله يكشف عن الشدة في الآخرة وعن أبي سعيد وطائفة أنهم عدوها في الصفات، للحديث الذي رواه أبو سعيد في الصحيحين.
ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل على أن هذه من الصفات فإنه قال: ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ﴾ [القلم: ٤٢]، نكرة في الإثبات لم يضفها إلى الله ولم يقل عن ساقه، فمع عدم التعريف بالإضافة لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل آخر، ومثل هذا ليس بتأويل إنما التأويل صرف الآية عن مدلولها ومفهومها ومعناها المعروف".
وقال ابن القيم في (الصواعق المرسلة) ١: ٢٥٢: "والصحابة. متنازعون في تفسير الآية؛ هل المراد الكشف عن الشدة، أو المراد بها أن الرب تعالى يكشف عن ساقه.
ولا يحفظ عن الصحابة والتابعين نزاع فيما يذكر أنه من الصفات أم لا في غير هذا الموضع، وليس في ظاهر القرآن ما يدل على أن ذلك صفة لله، لأنه سبحانه لم يضف الساق إليه، وإنما ذكره مجردا عن الإضافة منكرا، والذين أثبتوا ذلك صفة كاليدين والإصبع لم يأخذوا ذلك من ظاهر القرآن، وإنما أثبتوه بحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- المتفق على صحته، وهو حديث الشفاعة الطويل، وفيه: فيكشف الرب عن ساقه فيخرون له سجدا.