ومن أخذ بالإِدغام راعى التقاء المثلين في اللفظ واعتد بالحذف وإن كان عارضًا، وراعى ثقل الكسرة في (يبتغ) والضمة في (يخل) و (يك) ثم له أن يأخذ بالروم فيندفع به الإِجحاف، إِذ لا يكون الروم إلا مع ثبوت الحرف الأول فترجع المسالة إلى إخفاء الحركة لا إلى الإِدغام الصحيح كما سيأتي بحول الله تعالى.
وذكر الإِمام الخلاف في هذه الحروف (١) الثلاثة ورجح الإِظهار وفي (يخل لكم) لسكون الخاء وفي ﴿إنْ يَكُ كَاذِبًا﴾ لكثرة الحذف: إِذ قد حذفت منه الواو والنون. والله عز جلاله أعلم.
فان قيل: اشتمل هذا الكلام على أن حذف أواخر هذه الكلم وجب الجزم وهو بين في (يبتغ) و (يخل) لأن المحذوف منهما حرف علة خاصة.
أما (يكون) فما وجه حذف النون منه للجزم وهو حرف صحيح وحكم الحرف الصحيح، في الجزم والسكون دون الجزم؟.
فالجواب: أن العرب تستعمل في جزم (يكون) وجهين فصيحين: أحدهما: اسكان النون كسائر الأفعال التي أواخرها حروف صحاح وعليه جاء قوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ (٢) ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ﴾ (٣) ونحوهما.
والوجه الثاني: حذف النون للجزم تشبيهًا لها بحرف العلة. وينبغي أن يعتقد في هذا الحذف أنه على التدريج الذي تقتضيه صيغة العربية.
(٢) الآية ٤ الإخلاص.
(٣) من الآية ١١١ الإسراء.