في مثلها كما تقدم وإنما زيدت هذه الصلة لبيان الحركة، واحتيج لذلك لَمَّا كانت الهاء حرفاً ضعيفاً مهموساً مهتوتاً حتى صار عند بعض العرب لا يعتد به فاصلاً كما نبين بعد بحول الله تعالى.
واعلم أن هذه الصلة إنما تكون من جنس حركة الهاء، والأصل أن تحرك بالضم بدليل أنك لا تكسرها إلا لسبب، وهو أن تقع بعد كسرة، أو ياء ساكنة كما في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ﴾ (١) وعليه - وإليه ولديه - وإنما كسرت مع الكسرة والياء ولم تضم على الأصل لئلا يخرج من الكسرة إلى الضمة، والياءُ الساكنة بمنزلة الكسرة.
إذ الهاء لضعفها كأنها غير موجودة فكأنك لم تفصل بين الضمة والكسرة (٢) ويدل أيضاً علي، أن الأصل في تحريكها الضم قراءة حمزة ﴿لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ (٣) يضم الهاء في طه، والقصص، وقراءة حفص ﴿وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ﴾ (٤) في الكهف و ﴿مَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ﴾ (٥) في الفتح بضم الهاء فيهما حيث لم يبالِ بثقل الضمة (بعد) (٦) الكسر (٧) والياء وأبقى الهاء على أصلها من التحريك بالضم فلولا أن الضم هو الأصل فيها عند العرب لم يكن لهذه القراءات وجه والله أعلم.

(١) الآية ٣٤، ٣٥، ٣٦، عبس.
(٢) في (ت) و (ز) (بين الكسرة والضمة).
(٣) جزء من الآية: ١٠ طه.
(٤) جزء من الآية: ٦٣ الكهف.
(٥) جزء من الآية: ١٠ الفتح.
(٦) ما بين القوسين تكملة من باقي النسخ.
(٧) في (ت) (الكسرة).


الصفحة التالية
Icon