و ﴿الطَّآمَّةُ﴾ (١) و ﴿وَمَا هُمْ بِضَآرِّينَ﴾ (٢) و ﴿لَا الضَّآلِّينَ﴾ (٣) و ﴿اتحَآجونِي﴾ (٤) وما أشبهه، فإن تخلف أحد الشرطين قبح التقاء الساكنين إذ ذاك.
ولهذا استضعفوا (٥) قراءة ورشٌ ﴿ءَانذَرْتَهُم﴾ (٦) و ﴿ءآسْجُدً﴾ (٧)
(١) جزء من الآية: ٣٤ النازعات.
(٢) جزء من الآية: ١٠٢ البقرة.
(٣) جزء من الآية: ٧ الفاتحة.
(٤) جزء من الآية: ٨٠ الأنعام.
(٥) قوله (ولهذا استضعفوا الخ) قد قدمت من باب الإِدغام الكبير عند قول الشارح (وأما قراءة أبي عمرو (فزَحزْحِ عنَ النْاَّر) ء بإدغام الحاء في العين من غير إبدال العين جاء فشذوذ) ذكرت بأن أئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، وإذا ثبتت الرواية لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة: لأن القراءة سنة متبعة يجب قبولها والمصير إليها. هذا وقد سمع التقاء الساكنين وصلا من أفصح العرب بل أفصح الخلق على الإطلاق - ﷺ - فيما يروي (نعما المال الصالح للرجل الصالح) قاله: أبو عبيدة أحد أئمة اللغة وناهيك به وتواتر ذلك من القراء وشاع وذاع ولم ينكر وهو إثبات مفيد للعلم وما ذكروه نفى مسنده الظن، فالإثبات العلمي أولى من النفي الظني، ولئن سلم أن ذلك غير متواتر فأقل الأمر أن يثبت لغة بدلالة نقل العدول له عمن هو أفصح ممن استدلوا بكلامه، فبقي الترجيح في ذلك بالإثبات وهو مقدم على النفي، وليس قول النحاة بحجة إلا عند إجماعهم، ومن القراء جماعة من أكابر النحويين، فلا يكون إجماع النحويين حجة مع مخالفة القراء لهم، ثم ولو قدر أن القراء ليس فيهم نحوي فإنهم ناقلون لهذه اللغة، وهم مشاركون للنحويين في نقل اللغة فلا يكون إجماع النحويين حجة دونهم، وإذا ثبت ذلك كان المصير إلى قول القراء أولى: لأنهم ناقلوها عمن ثبتت. عصمته عن الغلط في مثله، ولأن القراءة ثبتت متواترة، وما نقله النحويون احاد، ثم لو سلم أنه ليس بمتواتر فالقراء أكثر وأعدل فكان الرجوع إليهم أولى. وإذا حمل كلام المانعين للجميع بين الساكنين على أنه غير مقيس أمكن الجمع بين قولهم والقراءة المتواترة والجمع ولو بوجه أولى. والله أعلم.
انظر النشر جـ ٢ ص ٢٣٦ - وإتحاف فضلاء البشر ص ٢٧.
(٦) جزء من الآية: ٦ البقرة.
(٧) جزء من الآية: ٦١ الإسراء.
(٢) جزء من الآية: ١٠٢ البقرة.
(٣) جزء من الآية: ٧ الفاتحة.
(٤) جزء من الآية: ٨٠ الأنعام.
(٥) قوله (ولهذا استضعفوا الخ) قد قدمت من باب الإِدغام الكبير عند قول الشارح (وأما قراءة أبي عمرو (فزَحزْحِ عنَ النْاَّر) ء بإدغام الحاء في العين من غير إبدال العين جاء فشذوذ) ذكرت بأن أئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، وإذا ثبتت الرواية لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة: لأن القراءة سنة متبعة يجب قبولها والمصير إليها. هذا وقد سمع التقاء الساكنين وصلا من أفصح العرب بل أفصح الخلق على الإطلاق - ﷺ - فيما يروي (نعما المال الصالح للرجل الصالح) قاله: أبو عبيدة أحد أئمة اللغة وناهيك به وتواتر ذلك من القراء وشاع وذاع ولم ينكر وهو إثبات مفيد للعلم وما ذكروه نفى مسنده الظن، فالإثبات العلمي أولى من النفي الظني، ولئن سلم أن ذلك غير متواتر فأقل الأمر أن يثبت لغة بدلالة نقل العدول له عمن هو أفصح ممن استدلوا بكلامه، فبقي الترجيح في ذلك بالإثبات وهو مقدم على النفي، وليس قول النحاة بحجة إلا عند إجماعهم، ومن القراء جماعة من أكابر النحويين، فلا يكون إجماع النحويين حجة مع مخالفة القراء لهم، ثم ولو قدر أن القراء ليس فيهم نحوي فإنهم ناقلون لهذه اللغة، وهم مشاركون للنحويين في نقل اللغة فلا يكون إجماع النحويين حجة دونهم، وإذا ثبت ذلك كان المصير إلى قول القراء أولى: لأنهم ناقلوها عمن ثبتت. عصمته عن الغلط في مثله، ولأن القراءة ثبتت متواترة، وما نقله النحويون احاد، ثم لو سلم أنه ليس بمتواتر فالقراء أكثر وأعدل فكان الرجوع إليهم أولى. وإذا حمل كلام المانعين للجميع بين الساكنين على أنه غير مقيس أمكن الجمع بين قولهم والقراءة المتواترة والجمع ولو بوجه أولى. والله أعلم.
انظر النشر جـ ٢ ص ٢٣٦ - وإتحاف فضلاء البشر ص ٢٧.
(٦) جزء من الآية: ٦ البقرة.
(٧) جزء من الآية: ٦١ الإسراء.