وأما النون والميم فقال سيبويه: في النون: إنه حرف شديد يجري مع الصوت غنة من الأنف إنما تخرجه من أنفك واللسان لازم لموضع الحرف: لأنك لو أمسكت بأنفك لم يجر معه صوت ثم قال: (وكذلك الميم).
وأما الراء فقال: (إنه حرف شديد جرى فيه الصوت لتكريره وانحرافه إلى اللام فيتجافى الصوت كالرخوة ولم يتكرر ولم يجر الصوت فيه انتهى.
وذلك أنك إذا نطقت بالراء تكيف الجزء الناطق بها من اللسان نوعا من التكيف في حال النطق، ثم انفلت من ذلك التكيف، فينقطع الصوت الذي هو ذات الراء، ثم يعود الجزء الناطق إلى ذلك التكيف، فيعود النطق بذلك الحرف هكذا مرة بعد أخرى، فيحصل في اللسان بحسب سرعة التكيف الإنفلات المتكرر بين صورة ترعيد وتكرير بلفظها، وكل قرعة منها راء مستقلة لكنه قل ما يقدر الناطق على الإقتصار على القرعة الواحدة من غير تكرار إلا بعد التمرن والرياضة مع سلامة العضو الناطق (١).
فمن حيث كان سريع التفلت وقطع الصوت كان شديداً، ومن حيث عرض فيه التكرار السريع صار الصوت كأنه شئ واحد ممتد لم ينقطع فأشبه بذلك الرخوة: ولهذا قال سيبويه (جرى فيه الصوت بالتكرير وانحرافه إلى اللام) وقوله (فيتجافى الصوت) يريد تجافى بما فيه من الإنحراف.

(١) قال الجعبري وطريقة السلامة منه أي من التكرار أن يلصق اللافظ من كل مرة راء انتهى. ومراده باللصق المحكم بالراء ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقا محكماً مرة واحدة، ومتى ارتعد حديث: اللصق القوي مجيث لا يظهر التكرير في اللفظ والسمع لا المبالغة جداً في لصق اللسان حتى ينحصر الصوت بالكلية فإن ذلك خظأ: لأنه يؤدي إلى أن يكون الراء من الحروف الشديدة شدة كاملة مع أنها من المتوسطة بين الرخاوة والشدة.
انظر: النجوم الطوالع ص ٢٢٢.


الصفحة التالية
Icon