والذي سوغ ذلك الئحام إحدى الهمزتين بالأخرى في حكم الخط واللفظ والمعنى.
أما الخط فإنه قد أطرد في كل حرف من حروف المعاني إذا كان من حرف وأحد من حروف التهجي أنه يكتب موصولًا بما بعده إذا كان مما يقبل الوصل كباء الجر وفاء العطف ولام الإبتداء ونحو ذلك.
فحكم همزة الإستفهام وصلها بما بعدها في الخط لو كانت مما يقبل ذلك.
وأما حكم اللفظ: فمن حيث أن همزة الإستفهام حرف واحد من حروف التهجي لم يكن لها حكم الكلمة المستقلة: إذ الكلمة المستقلة لا بد لها من مطلع ومقطع، فمطلعها أولها ولابد من تحريكه ليصح الإبتداء به، ومقطعها آخرها والأصل تسكينه في الوقف، وأقل ما تحصل هذه الحقيقة بحرفين من حروف التهجي نحو (قد) و (٥ ل) فأما الحرف الواحد فلا؛ فلزم لذلك أن تتصل في اللفظ بما بعدها، وهذا هو السبب في الإتصال في الخط.
وأما حكم المعنى فهو أن الحرف إنما جيء به ليدل على معنى في غيره، وهمزة الإستفهام إنما تدل على معنى الإستفهام فيما بعدها، فلما كان معناها لا يظهر إلا فيما بعدها صارت كأنها جزء منه: لأن معناها إنما يحصل بحصول اللفظ بمجموعها كما أن معنى الكلمة التي تدل على معنى في نفسها إنما يحصل بمجموع أجزائها. والله تعالى أعلم.
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (أعلم أنهما إذا التقتا بالفتح) (١).