الفصيح، ولم يرد النفي مطلقًا؛ إذ لو كان كذلك لم يجز أن يقرأ بالتحقيق، وإنما كان تحقيق الهمزتين ضعيفًا لثقلهما.
ويدل على أن سيبويه هنا لم يرد نفي التقاء الهمزتين في كلام العرب على الإطلاق وإنما أراد أن ذالك لا يكون في فصيح الكلام قوله في باب الإِدغام: وزعموا أن ابن أبي إسحاق كان يحقق الهمزتين وناس (١) معه وقد تكلم ببعضه العرب وهو ردي فيجوز الإِدغام في قول هؤلاء وهو ردي انتهى قوله - رَحِمَهُ اللهُ -.
وقد أغلظ المهدوي (٢) في القول على سيبويه في هذه المسألة حين تكلم في (أئمة) في سورة التوبة في شرح الهداية فقال ما نصه: وقد علي سيبويه والخليل تحقيق الهمزتين وجعلا ذلك من الشذوذ الذي لا يعول عليه، والقراء أحذف بنقل هذه الأشياء من النحويين وأعلم بالآثار ولا يلتفت إلى قول من قال إن تحقيق الهمزتين في لغة العرب شاذ قليل: لأن لغة العرب أوسع من أن يحيط بها قائل هذا القول.
وقد أجمع على تحقيق الهمزتين أكثر القراء وهم أهل الكوفة وأهل الشام وجماعة من أهل البصرة، وببعضهم تقوم الحجة انتهى.
وهذه النهضة (٣) التي قام بها المهدوي فيها نظر سيبويه اعتمد على ما استقر عنده من أحكام اللغة والمهدوي يعتمد على ما نقل إليه من

(١) في (الأصل) (وقاص) وهو تحريف والصواب ما في باقي النسخ ولهذا أثبته.
(٢) أحمد بن عمار بن (أبي العباس) المهدوي، أستاذ مشهور، له تواليف. منها التفسير المشهور والقراءات السبعة. توفي بعد الثلاثين وأربعمائة. غاية النهاية ج ١ ص ٩٢.
(٣) في (الأصل) (النبضة) وهو تحريف والصواب ما أثبته كما في باقي النسخ.


الصفحة التالية
Icon