فإن قيل: هما متقاربان، ومن أصله (١) إدغام المتقاربين.
فالجواب: أنه لابد في إدغام المتقاربين من إبدال الأول (٢) إلى جنس الثاني، ولابد من تسكينه، فكان يلزم منهما تسهيل الهمزة الأولى بين بين وجعلها مثل الثانية وإسكانها وإدغامها. وهذا ممتنع من وجهين:
أحدهما: أن همزة بين بين لا تسكن عند الحذاق من النحويين والمقرئين.
والثاني: أنك لو سهلت الأولى من ﴿شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ﴾ فقياسها أن تكون بين الهمزة والألف، وقياس الثانية أن تكون بين الهمزة والياء. وذلك يمنع كونهما مثلين. وكذا قياس سائرها.
وأما إذا أبدل الثانية واوا خالصة أو ياء فيمتنع الإِدغام أيضاً لما تقدم، ولأن أصل الواو والياء ألا يدغم فيهما/ غيرهما وأيضاً فالإدغام خلاف الأصل، فقد خرجت الهمزة من باب الإِدغام وبقيت سبعة عشر حرفاً يقع فيه الإِدغام.
واعلمْ أنه يشترط في كل حرف منها ألا يكون منوناً (٣) ولا مشددا (٤) ويشترط في التاء مع ذلك ألا تكون ضمير المتكلم (٥) ولا ضمير المخاطب (٦).
(م) قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: (نحو قوله تعالى: ﴿فِيهِ هُدًى﴾) (٧).

(١) قوله (من أصله) أي أصل أبي عمرو.
(٢) في الأصل و (ت) و (ز): (الأولى) وهو تحريف والصواب ما في (س) وهو ما أثبته.
(٣) نحو: (وَاسِعٌ عَلِيمٌ). آية (٢٤٧) البقرة (٢).
(٤) نحو: ﴿فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةٍ﴾ آية (١٤٢) الأعراف (٧).
(٥) مثل: ﴿يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا﴾. آية (٤) النبأ (٧٨).
(٦) مثل: ﴿أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ﴾ الآية (٩٩) يونس - ١٠ -.
(٧) انظر: التيسير ص ٢٠.


الصفحة التالية
Icon