الثالث: الإشعار بالشبه المشعر بالأصل، وذلك إمالة ألف التأنيث والألف الملحقة (١).
وأما فائدة الإمالة فهو سهولة اللفظ، وذلك أن اللسان يرتفع بالفتح وينحدر بالإمالة، والإنحدار أخف على اللسان من الارتفاع، فلهذا أمال من أمال من العرب.
وأما من فتح فإنه راعى كون الفتح هو الأصل (٢) فلم يعدل عنه، وإن كان غيره أخف منه. ويزاد في تعليل الفتح فيما أمالته للإشعار بالأصل أن يقال: إذا كان اللازم في الكلام ترك لفظ الياء التي هي الأصل والعدول عنها إلى أن تقلب ألفاً في نحو (الهدى) و (قضى) إذ الألف أخف من الياء المتحركة فلا يعاد إلى التنبيه على أمر قد ترك، وأصل قد رفض، كما قال الشاعر:

إذا انصرفت نفسي عن الشي لم تكن إليه بوجه آخرْ الدهر ترجع (٣)
ويزداد في تعليل الفتح فيما إمالته للوجهين الأخيرين من أوجه الإشعار أن يقال: إذا صح في فصيح الكلام ترك الإمالة حيث يكون سببها قائماً وهو ما أميل للمناسبة، وحيث يكون سببها مقدراً وهو الوجه الأول من أوجه الإشعاء فالأحرى أن يترك حيث لا سبب في اللفظ ولا في التقدير. والله أعلم.
فإذا تقرر ما تقدم فارجع إلى مذاهب القراء في الفتح والإمالة فأقول: اختلف القراء في أصل الإمالة، فمنهم من تركها رأساً ولم يمل شيئاً من
(١) انظر النشر جـ ٢ ص ٣٥.
(٢) انظر النشر جـ ٢ ص ٣٥.
(٣) تقدم ذكره، وهو لمعن بن أوسل المزني


الصفحة التالية
Icon