لأنه عرض له في قوله تعالى: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ ثم أعقبه بباب المد لأنه عرض له في قوله تعالى: ﴿بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾، ولو قدم باب المد على هاء الكتابة لكان وجهًا حسنًا، لأن المد قد سبق في قوله تعالى: ﴿وَلَا الضَّالِّينَ﴾، وفي ﴿الم﴾.
لكن المد في هذين الموضعين وجب لإلتقاء الساكنين، ولم يتعرض الحافظ في باب المد من هذا الكتاب لذكر ما وجب لإلتقاء الساكنين، وإنما تعرض لما وجب بسبب الهمزة، وكان حقه أن يذكر المد للساكن كما فعل في سائر تواليفه، ثم أعقب باب المد بباب الهمزة، لما عرض لإلتقاء الهمزتين في قوله تعالى: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ وقدم الكلام في الهمزتين على الكلام في الهمزة المفردة. لأن التسهيل عند التقاء الهمزتين ألزم منه في المفردة. وأيضًا فتسهيل الهمزة المفردة يخص قراءة ورش في نوع من الهمزات وقراءة أبي عمرو في نوع آخر، وأما التسهيل عند التقاء الهمزتين فيشترك فيه الحرميان. وأبو عمرو فقدم الكلام فيما هو أعم. وقدم ما يسهل ورش من الهمزة المفردة على ما يسهل أبو عمرو جريًا على ترتيب القراء في أول الكتاب، وورش من أصحاب نافع، ونافع مقدم إجلالًا لكونه قارئ مدينة رسول الله - ﷺ -، وأخر مذهب حمزة وهشام لأنه مختص بالوقف، وتسهيل ورش وأبي (١) عمرو لازم في الوصل والوقف.
فكان قيل قد عرض له قبل باب المد بحسب التلاوة ما يوجب تقديم ثلاثة أبواب:
أحدها: باب تسهيل الهمزة المفردة لقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾.