وقد فتحوا أبوابهم لتسرح ماشيتهم، فدخلوها فلم ينج منهم أحد واحتوى عمرو على مافيها ورجعوا إلى عمرو (١).
وكان فتح أطرابلس بعد قتال وافتتحها عمرو بن العاص عنوة وقال الليث بن سعد حدثني مشيختنا أن أطرابلس فتحت بعهد من عمرو بن العاص، وأصاب عمرو بها أحمالا كثيرة مع تجار من تجارها فباعه وقسم ثمنه بين المسلمين، وكتب إلى عمر ابن الخطاب أنا قد بلغنا أطرابلس وليس بينها وبين إفريقية إلا تسعة أيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لنا في غزوها ويفتحها الله على يديه فعل، فكتب إليه ينهاه عنها ويقول: ماهي بإفريقية ولكنها مفرقة غادرة مغدوربها، لايغزوها أحد مابقيت، وقال مرة المعافري: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إفريقية المفرقة ثلاث مرات لاأوجه إليها أحدا مامقلت عيني الماء.
وذلك أن أهلها كانوا يؤدون إلى ملك الروم شيئاً فكانوا يغدرون به كثيراً، وكان ملك الأندلس صالحهم ثم غدر بهم وكان خبرهم قد بلغ عمر (٢).
وكذلك فإن عمر كان يخشى أن ينفرد بالمسلمين عدوهم، مع صعوبة نجدتهم لبعدهم عن مركز الخلافة، فلم يجد عمرو بدا من العودة إلى مصر، وبقي الأمر كذلك إلى زمن عثمان - رضي الله عنه -، فولى على مصر عبدالله بن سعد بن أبي سرح.
فتح إفريقية:
فلما عزل عثمان عمرو بن العاص عن مصر، وأمّر عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان يبعث المسلمين في جرائد الخيل، كما كانوا يفعلون أيام عمرو فيصيبون من أطراف إفريقية، ويغنمون فكتب في ذلك عبد الله بن سعد إلى عثمان، وأخبره بقربهم من حرز المسلمين، ويستأذنه في غزوها فندب عثمان الناس لغزوها بعد المشورة منه في ذلك، فلما اجتمع الناس - ولم يخالف في
_________
(١) فتوح مصر وأخبارها ص: ١١٦ - ١١٧.
(٢) انظر فتوح مصر وأخبارها ص: ١١٧، فتوح البلدان ٢٢٥ - ٢٢٦، طبقات أبي العرب ١٣، ١٦، الاستقصا١/ ٧٣.