معه ولم تذكر المصادر أن كسيلة قد أساء إلى المسلمين في الفترة التي حكم فيها القيروان، وقد دامت مدة خمس سنوات.
ويقال إن عبد العزيز بن مروان لما ولي مصر كتب إلى زهير بن قيس وزهير يومئذ ببرقة، يأمره بغزو إفريقية فخرج في جمع كثير فلما دنا من قونية وبها عسكر كسيلة بن لمزم عبأ زهير لقتاله، وخرج إليه فاقتتلا فقتل كسيلة ومن معه ثم انصرف زهير قافلا إلى برقة.
وفي هذه الموقعة قتل كسيلة ومن معه من الروم وملوك البربر وأشرافهم وفرسانهم وخلد أهل إفريقية إلى الطاعة وتمهدت البلاد لزهير بن قيس البلوي فخاف على نفسه الفتنة، لما رأى من عظمة الملك وكان من رؤساء العابدين وكبار الزاهدين، وقرر الرحيل إلى المشرق بينما أقام معظم أصحابه بالقيروان، لكنه استشهد في قلة من أصحابه على يد الروم الذين أغاروا على برقة، وكانت المصيبة بزهير وأصحابه رضي الله عنهم مثل المصيبة بعقبة بن نافع وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين، وبموت زهير اختلت الأمور في إفريقية من جديد إلا أن الوضع بالمشرق لم يكن يسمح بإرسال من يعيد الأمور إلى نصابها (١).
ثم قدم حسان بن النعمان واليا على المغرب أمره عليها عبدالملك بن مروان في سنة ثلاث وسبعين، وذلك بعد أربع سنوات، فمضى في جيش كبير، حتي نزل أطرابلس، واجتمع إليه بها من كان خرج من إفريقية وأطرابلس، وانضم إليه كثير من أهل مصر وممن أسلم من بربر إفريقية، فوجه على مقدمته محمد بن أبي بكيرة، وهلال بن ثروان اللواتي، وزهير بن قيس، ففتح البلاد، وأصاب غنائم كثيرة، وخرج إلى مدينة قرطاجنة، ففتحها واضطر إلى هدمها لأن أهلها غدروا به، وفرض سيطرته على كامل تلك المنطقة، وأثخن في الروم والبربر بالقتل.
ثم توجه حسان لمحاربة الكاهنة، لأنها هي الخطر الوحيد الذي بقي يهدد الكيان الإسلامي في إفريقية والمغرب، وقد قال له البربر المسلمون: إن قتلتها دان لك المغرب كله ولم يبق لك مضاد ولا معاند، فغزا الكاهنة وهي
_________
(١) انظر فتوح مصر وأخبارها ص: ١٣٥، المغرب الكبير ٢/ ٢٣٤، البيان المغرب ١/ ٣١، الرياض ١/ ٤٦.