الإسلامي وحدثت بينهم المصاهرات، وكثر بناء المساجد والكتاتيب في سائر بلاد إفريقية، وأخذ أهل مدنها يقلدون العاصمة الإسلامية حتى في طرازها المعماري، وانتشرت الثقافة الإسلامية بين البربر ولا غرابة في كل هذا فإن أول الولاة وهو محمد بن يزيد القرشي (٩٦ هـ - ٩٩ هـ) قد استقر في إفريقية بأحسن سيرة وأعدلها، وكان يقسم مايصيبه من غنائم على المسلمين من البربر والعرب على السواء (١).
ورحل في تلك الفترة خالد بن أبي عمران بمسائل للمسلمين الأفارقة ليسأل عنها التابعين في المشرق فدون عن سالم بن عبدالله بن عمر، والقاسم بن محمد بن أبي بكر وعن سليمان بن يسار كتابا كبيرا رواه أهل القيروان (٢).
ثم قدم إسماعيل بن أبي المهاجر (٩٩ هـ - ١٠١ هـ) واليا من قبل الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، فكان خير وال لخير أمير، ومازال حريصا على دعاء البربر إلى الإسلام فأسلم بقية البربر على يديه (٣)، وكان زاهدا متواضعا من كبار العباد فأقبل عليه البربر المسلمون يسمعون منه حديث رسول الله - ﷺ - ويتعلمون، وأرسل معه عمر بن عبد العزيز تسعة من ثقات التابعين وعلمائهم (٤)، لتفقيه أهل إفريقية ونشر العلم في ربوعها، وكانوا أهل علم وفضل اختط كل منهم دارا بالقيروان، وبنى مسجدا وكتابا (٥) لتعليم البربر وأبنائهم اللغة العربية ومبادىء الإسلام، وقد وصف كل منهم بأنه انتفع به أهل إفريقية وبث فيها علما كثيرا (٦).
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عموم البربر كتبا يدعوهم فيها إلى الإسلام
_________
(١) انظر البيان المغرب ١/ ٤٧، المغرب الكبير ٢/ ٢٨٩، الاستقصا ١/ ١٠٠، الحضارة المغربية
عبر التاريخ ص: ١٠٥.
(٢) طبقات أبي العرب ٢٣٥، ٢٣٦، الرياض ١/ ١٦٣.
(٣) تاريخ الرقيق ٩٧، وانظر: إتحاف أهل الزمان ١/ ٨٧ تاريخ ابن خلدون ٤/ ١٨٧.
(٤) وهم بكر بن سوادة وجعثل بن عاهان وحبان بن جبلة وسعد بن مسعود وطلق بن جعبان وعبد الرحمن بن رافع وعبد الله بن المغيرة وعبد الله بن يزيد وموهب بن حي.
(٥) ورقات ١/ ٨٧.
(٦) الرياض ١/ ١٠٠، وانظر المعالم ١/ ١٨٠.


الصفحة التالية
Icon