أحد دهاتهم المسمى أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن محمد بن زكرياء الصنعاني، وقد تعلم طرق الدعوة في اليمن ثم اتصل بحجيج كتامة (١)، فخدعهم بالحديث عن حب آل البيت حتى ألحوا عليه في مصاحبتهم إلى بلادهم، فأظهر التمنع أولا ثم وافقهم بعد أن علم من أوضاع بلادهم ما شجعه وفي كتامة (٢) أظهر دعوته والتف الناس حوله، ووقعت بسببه فتن كاد يهلك فيها، ثم قوي أمره وقصدته قبائل البربر من كل فج، فبدأ يحتل بلاد المغرب بلدا بلدا، وفي أثناء ذلك دخل عبيدالله المغرب متخفيا وعيون الخلافة تلاحقه حتى سجن في سجلماسة، وبعد حروب دامت أكثر من خمس سنوات تمكن أبو عبد الله من طرد الأغالبة، ودخل القيروان سنة ٢٩٦ هـ ثم أخرج عبيد الله من سجنه بسجلماسة، ودخلا معا عاصمة إفريقية سنة ٢٩٧ هـ، بعد أن استطاعا القضاء على الدولة الرستمية الإباضية في المغرب الأوسط سنة ٢٩٦ هـ (٣)، واستطاع الباطنيون القضاء على دولة الأدارسة الأولى تماما في حدود سنة ٣١٩ هـ (٤)، والقضاء على الدولة المدرارية الصفرية سنة ٣٤٩ هـ (٥).
وبدأ عهد الاضطهاد الذي عاشه أهل السنة تحت الاحتلال العبيدي، وقد استمر حكم الإسماعيلية بإفريقية والمغرب ستا وثمانين سنة كرسوا فيها كل جهودهم لإماتة السنة ونشر البدع، ومنع العلم، مستعملين في سبيل ذلك أخس الوسائل فتعرض الناس في عهدهم لظلم عظيم وضيق شديد، وكان علماء السنة من قراء ومحدثين وفقهاء لهم بالمرصاد، جاء في المعالم: جزى الله مشيخة القيروان خيرا، هذا يموت، وهذا يضرب، وهذا يسجن، وهم صابرون لايفرون ولو فروا لكفرت العامة دفعة واحدة (٦).
_________
(١) كتامة: من أكبر قبائل البربر في المغرب، وعليهم قامت دعوة الرافضة فيه، انظر: الشجرة ٢/ ١٠٥، البيان المغرب ١/ ١٢٤.
(٢) انظر: دور كتامة في تاريخ الخلافة الفاطمية.
(٣) في تاريخ المغرب والأندلس ص: ١٧٦.
(٤) انظر دولة الأدارسة ص: ١٥٣ - ١٥٤.
(٥) في تاريخ المغرب والأندلس ص: ١٧٧.
(٦) المعالم ٢/ ٢٩٢.