للخوف من بني عبيد، لأنهم منعوا من بث العلم، وسجنوا العلماء في دورهم (١).
وبذلك خلت المساجد من حلق الذكر ومجالس العلم، وأصبحت هذه المهمة تقع في دور العلماء، وبعض قصور الرباط خفية وفي مقابل ذلك فسح العبيديون لدعاتهم المجال لنشر ضلالاتهم ومكنوهم من كل الوسائل في سبيل القضاء على الإسلام والسنة.
٨ - حرموا على الفقهاء الفتوى بمذهب الإمام مالك، واعتبروا ذلك جريمة يعاقب عليها بالضرب والسجن أو القتل أحيانا، ويدار بالمقتول في الأسواق وينادى عليه هذا جزاء من يذهب مذهب مالك (٢)، ولم يبيحوا الفتوى إلا لمن تشرق وكفر (٣).
٩ - قاموا بمصادرة مصنفات أهل السنة وإتلافها، ومنع الناس من تداولها، من ذلك أن أبا محمد عبد الله بن أبي هاشم التجيبي (ت ٣٤٦) توفي وترك سبعة قناطير كتب كلها بخط يده، فرفعت إلى سلطان بني عبيد فأخذها، ومنع الناس منها كيدا للإسلام وبغضا فيه (٤) وقد وجد موطأ الإمام مالك عند رجل فضربوه وطافوا به (٥)، ورفعت إلى السلطان أشياء على سعدون الخولاني (ت ٣٢٤ هـ) المتعبد بقصر الطوب فأرسل إليه بعض حرسه فقيدوه وجمعوا مافي بيته من الكتب وأخذوه إلى عبيد الله (٦).
١٠ - منعوا التجمعات، فقد رفع على بعض العلماء العباد أنه يجتمع إليه العامة، ويدور بهم على قصور الرباط فمنعوهم خشية الخروج عليهم، وكانوا يفرقون الناس الذين يجتمعون على جنازة من يموت من العلماء (٧) كما أنهم منعوا الجولان بالليل، ولهم بوق يضربونه أول الليل فمن وجد بعده ضرب عنقه (٨).
_________
(١) المعالم ٣/ ٣٩.
(٢) إنباه الرواة ٢/ ٥٤، وانظر الرياض ٢/ ٤١، ٢٦٥، البيان المغرب ١/ ١٥٩.
(٣) الرياض ٢/ ٥٦.
(٤) الرياض ٢/ ٤٢٣، وانظر المدارك ٣/ ٣٤١.
(٥) انظر الفكر السامي ٢/ ٧١.
(٦) انظر الرياض ٢/ ٢٥٩.
(٧) انظر المدارك ٣/ ٣٨٩، الرياض ٢/ ٢٥٨.
(٨) انظر المدارك ٣/ ٣٨٤.