البربرية وهو من خاصة ابن تومرت وأحد مريديه، وكانت له مكانة كبيرة لديه وقد استطاع أبو محمد عبد الواحد بن أبي حفص ولد المذكور بعد أن ولاه الخليفة الموحدي الناصر على تونس أن يقضي على كثير من الاضطرابات، فهزم ابن غانية كما تقدم، وخلفه ابنه عبد الرحمن سنة ٦١٨ هـ الذي تولى بعده أبو زكريا الحفصي سنة ٦٢٧ هـ واستطاع أن يعلن استقلاله بتونس والقيروان عن دولة الموحدين بعد أن دب إليها الضعف ونازعها بنو مرين السلطة على المغرب الأقصى، وقمع ابن غانية عندما عاد للاضطرابات مرة ثانية وقتله، وقمع ثورة قبيلة هوارة فاستتب له الأمر بتونس، ثم توسع فاستولى على الجزائر وبايعته تلمسان وسجلماسة بل بايعته بعض بلاد المغرب الأقصى (١).
ثم واصل محمد والذي لقب بالمستنصر تلك الأعمال بنجاح أكثر وتلقب رسميا بلقب الخليفة أو أمير المؤمنين، وأرسل له أمير مكة والحجاز بمبايعته وأراد الصليبيون ضرب قلب الإسلام فشن القديس لويس الحملة الصليبية الثامنة (٢) ضد تونس سنة ١٢٧٠ وانتهت بمعاهدة صلح تنازل فيها الخليفة المستنصر فرضي بدفع غرامة حربية بالإضافة إلى مضاعفة ما كان يدفعه إلى ملك صقلية من أتاوة، ثم بدأت الانتفاضات على الحكم والاضطرابات وهجوم الأرغوينيين على سواحل تونس بعد استقرارهم بصقلية.
ثم احتل بنو مرين تونس لمدة عشر سنوات من سنة ١٣٤٧ م - ١٣٥٧ م حتى ظهر الأمير الحفصي أبو العباس والي مقاطعة قسنطينة الذي استطاع إعادة البلاد لوحدتها وللدولة الحفصية هيبتها بداية من سنة ١٣٧٠ م واستطاع هو وأبو فارس خلفه وعثمان
_________
(١) المغرب العربي الكبير ص: ٢٧، ٢٨.
(٢) هي الحملة الثامنة والأخيرة في الحروب الصليبية وسبقتها سبعة الأولى لفلسطين ٤٩٣ هـ احتلت القدس، الثانية ٥٤٤ هـ أبيدت، الثالثة ٥٨٥ هـ لاسترجاع القدس بعد صلاح الدين فشلت، الرابعة ٥٩٩ هـ لاسترجاع القدس فشلت، الخامسة ٦١٤ لمصر فشلت، السادسة ٦٢٦ هـ للقدس فشلت، السابعة ٦٤٦ هـ مصر فشلت (انظر الدولة الحفصية ١٥٢ - ١٥٨).