الحفصية، فدخلها في جيش من الأتراك فتوجه الأمير الحفصي الحسن بن أبي عبد الله إلى أسبانيا مستنجدا بملكها الذي أعد قوة ضخمة، فدخل تونس وعاث فيها فسادا ونهب جامع الزيتونة، وأعاد الأمير الحفصي لملكه مقابل شروط أثارت عليه الأهالي فسملوا عينيه وخلفه ابنه الذي حاول وقف التيار الأسباني فلم يستطع، وتمكن الأسبان من الاستيلاء على موانىء صفاقس وسوسة والمنستير، وأدى صراع الأمير الحفصي أبي العباس الثاني ووزيره إلى دخول العثمانيين في الصراع مع الأسبان، كان من حلقاته هزيمة الأسطول التركي سنة ١٥٧١ م، وإعادة الحفصيين إلى حكم تونس سنة ١٥٧٣ م إلا أن القائد العثماني سنان باشا استطاع في عام ١٥٧٤ القضاء نهائيا على الحفصيين في تونس.
ومن حلقاته أيضا محاولة شارل الخامس سنة ١٥٤١ م توجيه ضربة قاضية للأتراك في الجزائر ففشل واستطاع الأتراك سنة ١٥٥٨ م، أن يوجهوا ضربة قاضية للأسبان قرب مستغانم ثم انتزعوا ميناء طرابلس من فرسان بيت المقدس وأخذ نشاط الأسبان يضعف (١).
وفي العهد الحفصي أنشئت الكتاتيب لتعليم القرآن وازدهر نشاط المذهب المالكي وظهر من العلماء أمثال ابن زيتون وابن عرفة، الذي يعتبر آخر كبار المجددين في زمنه وبعده أعلن علماء بلاد المغرب غلق باب الاجتهاد فتحجر العلم وأجدبت أرضه وانطوى العلماء ولقي التصوف رواجا كبيرا وغدا الانحراف فيه كبيرا وشيدت الأضرحة ولجأ الناس إلى الخرافات والبدع، التي أيدت من قبل الأمراء لأغراض سياسية وظهرت عبادة الأولياء والصالحين تحت حماية السلطة إلا أنه مع ذلك التدهور لم تخل المنطقة من ظهور بعض المفكرين وعلى رأسهم عبدالرحمن بن خلدون الذي ولد بتونس ورحل وتعلم وأثرى المكتبة الإسلامية بكتابات نافعة سنة ١٣٣٢ - ١٤٠٦ م، كما ظهر من علماء الحديث الحافظ ابن سيد الناس والمؤرخ أحمد بن محمد القرشي (٢).
_________
(١) انظر المغرب العربي الكبير في العصر الحديث ص: ٤٤ - ٩١.
(٢) تاريخ تونس ص: ٦٠ - ٦٣، تاريخ إفريقية في العهد الحفصي ٢/ ٢٩٩ - ٤٢٢، جامع الزيتونة ومدارس العلم في العهد الحفصي والتركي ص: ٣٢.


الصفحة التالية
Icon