وجعلوا الياء المدية كغير المدية تخرج من وسط اللسان، وجعلوا الواو المدية كغير المدية تخرج من الشفتين.
قال العلامة علي القارئ (١): "معنى جَعْل سيبويه الألف من مخرج الهمزة: أن مبدأه مبدؤ الحلق، ويمتد ويمر على جميع هواء الفم، وهذا أيضًا معنى قول مكي (٢): لكن الألف حرفٌ يهْوِي في الفم، حتى ينقطع مخرجه في الحلق.
فنُسِب في الخروج إلى الحلق لأنه آخر خروجه؛ إذ لا منافاة بين أن يكون مبدؤه مبدأ الحلق، وانقطاع مخرجه في الحلق؛ لأن المراد: أنه ليس له اعتماد على شيء من أجزاء الفم، بل يبتدئ من الحلق، وينتهي إلى الصوت الناشئ من الحلق.
قال: وعلى هذا، وهو أن يكون مبدؤه الحلق ومنقطع مخرجه في الحلق، يُحْمَل جَعْلُ الشاطبي وغيره الألف حلقيًا، وينزَّل قوله مع غيرهم في هذه الحروف، أعني الواو والياء غير المدية". انتهى.
المذهب الرابع: وهو مذهب الفَرّاء ومن شايعه: أنها أربعة عشر مخرجًا بإسقاط مخرج الجوف، وتوزيع حروفه على الحلق ووسط اللسان والشفتين كمذهب سيبويه، وجعل مخرج اللام والنون والراء مخرجًا واحدًا كليًا منقسمًا إلى ثلاثة مخارج جزئية.
وعلى هذا المذهب يكون في الحلق: ثلاثة مخارج كالمذهبين قبله، وفي اللسان: ثمانية، وفي الشفتين: مخرجان، وفي الخيشوم: مخرج.
فائدة:
الخلاف بين الخليل، وبين سيبويه والفراء، ليس اختلافًا حقيقيًا، بل هو مبنيّ على أمرين:
_________
(١) المنح الفكرية، ص: ١١.
(٢) الرعاية، ص: ١٢٨.


الصفحة التالية
Icon