واعلم أن الألف لا تخرج إلا من الجوف؛ لأنها لا تكون إلا ساكنة ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحًا، وأما الواو فلا تخرج من الجوف إلا إذا كانت ساكنة وكان ما قبلها مضمومًا، فإذا كانت متحركة أو ساكنة وقبلها مفتوح فإنها تخرج من الشفتين، وكذلك الياء لا تخرج من الجوف إلا إذا سكنت وانكسر ما قبلها، فإن تحركت أو سكنت وانفتح ما قبلها فإنها تخرج من وسط اللسان.
فحينئذ يكون للألف مخرجٌ واحد مقدر وهو الجوف، ويكون لكل من الواو والياء مخرجان: أحدهما مقدرٌ وهو الجوف، وذلك إذا سكن كل منهما وانضم ما قبل الواو وانكسر ما قبل الياء. والثاني محقق، وذلك إذا كان كل منهما متحركًا أو ساكنًا بعد فتح، فيكون مخرج الواو حينئذ من الشفتين، والياء من وسط اللسان. والله أعلم.
قال الشيخ الأنصاري فيما يتعلق بمخارج الحروف:
"وتتميز - أي حروف المد واللين - بتصعد الألف وتسفل الياء واعتراض الواو، ونُسبت إلى الجوف لأنه آخر انقطاع مخرجها، وسميت حروف المد واللين؛ لأنها تخرج بامتداد ولين من غير كلفة على اللسان لاتساع مخرجها، فإن المخرج إذا اتسع؛ انتشر الصوت وامتد ولان، وإذا ضاق؛ انضغط فيه الصوت وصلب. وكل حرف مساوٍ لمخرجه إلا هي؛ فلذلك قبلت الزيادة. واعلم أن كل مقدار له نهايتان أيتهما فرضت أوله كان مقابله آخره، ولما كان وضع الإنسان على الانتصاب كان رأسه أوله ورجلاه آخره، ومن ثَمَّ كان أول المخارج الشفتين: وأولهما مما يلي البشرة وآخرهما مما يلي الأسنان. وثانيهما اللسان، وأوله مما يلي الأسنان وآخره مما يلي الحلق، وهو - أي الحلق - ثالثها: وأوله مما يلي اللسان وآخره مما يلي الصدر. ولو كان وضعه على التنكيس لانعكس، ولما كانت مادة