عند النطق به، ويوصف بهذه الصفة الحروف الأربعة: الألف، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، والهاء، فيقال لهذه الحروف الأربعة: "الحروف الخفية".
قال الإمام مكي (١): "وإنما سميت خفية؛ لأنها تخفي في اللفظ إذا اندرجت بعد حرف قبلها، والألف أخفى هذه الحروف؛ لأن اللسان لا علاج له فيها عند النطق بها، وليس لها مخرج محقق تنسب إليه، ولا تتحرك أبدًا ولا تتغير حركة ما قبلها". انتهى.
وقال غيره (٢): إن حروف المد أخفى الحروف لاتساع مخرجها، وأخفاهن وأوسعن مخرجًا: الألف، ثم الياء، ثم الواو، ونظرًا لخفاء هذه الحروف يصح أن يزاد في مدها عن حركتين خوفًا من سقوطها عند الإسراع بها لخفائها، وصعوبة الهمز بعدها، فإنه إذا تقدم الحرف السهل على الحرف الصعب في الكلمة فإن النفس تتجه إلى العناية بالصعب، والاهتمام بتحقيقه وبيانه، فيترتب على ذلك الغفلة عن الحرف السهل فيخرج هزيلاً وربما ينعدم في اللفظ بالكلية، فمن أجل ذلك وجبت العناية ببيان الحروف السهلة إذا جاورت حروفًا صعبة.
وأما خفاء الهاء، فلاجتماع صفات الضعف فيها، قال الإمام مكي (٣): "الخفاءُ من علامات ضعف الحروف، ولما كان الهاء حرفًا خفيًا وجب أن يتحفظ ببيانها حيث وقعت. قال العلامة المرعشي (٤): "معنى: بيانها: تقوية صوتها بتقوية ضغط مخرجها، فلو لم يتحفظ على تقوية ضغط مخرجها لمال الطبع إلى توسيع مخرجها لعسر تضييقه لبعده عن الفم، فيكاد ينعدم في التلفظ". انتهى.
_________
(١) الرعاية، ص: ١٥٧.
(٢) هو أبو شامة في (إبراز المعاني) ص: ١١٣.
(٣) الرعاية، ص: ١١٨.
(٤) جهد المقل، ص: ٣٩.


الصفحة التالية
Icon