الأول: الإخفاء، وهو الذي عليه عمل أكثر أهل الأداء، وقال به ابن الجزري وأبو عمرو الداني.
الثاني: الإظهار، وذهب إليه آخرون، على خلاف بينهم في الغنة وعدمها، وهو اختيار الإمام مكي بن أبي طالب.
قال ابن الجزري (١): والوجهان صحيحان مأخوذ بهما إلا أن الإخفاء أولى. اهـ.
واحذر عند إخفاء الميم من إطباق الشفتين تمامًا، بل يجب عمل تلامس خفيف بينهما.
قال العلامة المرعشي (٢): "الظاهر أن معنى إخفاء الميم ليس إعدام ذاتها بالكلية، بل إضعافها وستر ذاتها في الجملة بتقليل الاعتماد علىمخرجها وهو الشفتان (٣)؛ لأن قوة الحرف وظهور ذاته إنما يكون بقوة الاعتماد على مخرجه".
_________
(١) النشر (١/ ٢٢٢). انظر المرجع السابق.
(٢) أحكام تلاوة القرآن الكريم، ص: ١٨٠.
(٣) قال الأستاذ محمد منيار: يعني بإطباق الشفتين بخفة ولين، وعدم كزّهما؛ لأن معنى إخفاء الحرف هو تقليل الاعتماد على مخرجه، وليس ترك الاعتماد عليه، والقراء يخطئون فيه من وجهين: الأول: إطباق الشفتين إطباقًا كاملاً - أي كزهما - بحيث يتولد من هذا الإطباق غنَّة ممططة، فهذا خطأ؛ لأنه يؤدي إلى إظهار الميم، في حين أن المراد إخفاؤها مع الغنة.
الثاني: تجافي الشفتين أو فتح الفم عند القلب، وهو يؤدي إلى إخفاء النون الساكنة، والمراد إخفاء الميم المقلوبة عن النون. ويزعم بعض القراء أنه لابد من ترك فُرجة بين الشفتين، حالة أداء القلب والإخفاء الشفوي، لتحقيق الإخفاء في الميم عند الباء، فيقعون في خطأين:
١ - ذهاب الميم بالكلية، وإبدالها بنطق مُبهم.
٢ - مد الحرف المبهم بحيث يتولد منه حرف من قبيل حركة الحرف الذي قبل النون الساكنة مثل: (مِيْن بَعْد) و (هُومْ بارِزُون)، والنطق الصحيح: هو بإطباق الشفتين بخفة كما سلف.
انظر: الملاحظات الهامة، ص: ٦٨.


الصفحة التالية
Icon