الخصال الثلاث بالذكر؛ لإظهار شرفها، وإنافتها على سائر ما انطوى تحت اسم التقوى من الحسنات. أو محلّه النصب على المدح بتقدير: أمدح، أو الرفع عليه بتقدير: هم. وإمّا مفصول عنه مرفوع بالابتداء، خبره الجملة المصدّرة باسم الإشارة، كما سيأتي بيانه، فالوقف على المتقين حينئذ وقف تامّ؛ لأنّه وقف على مستقلّ، وما بعده أيضا مستقل، وأما على الوجوه الأول، فالوقف حسن غير تامّ؛ لتعلّق ما بعده به وتبعيته له. اه. «أبو السعود».
وقرأ الجمهور (١): ﴿يُؤْمِنُونَ﴾ بالهمزة ساكنة بعد الياء، وهي فاء الكلمة، وحذف همزة أفعل حيث وقع ذلك ورش والسوسي وأبو جعفر وقفا ووصلا، وحمزة وقفا فقط وهذه القراءات كلها في المتواتر، وقرأ رزين - شاذا - بتحريك الهمزة، مثل: ﴿يُؤَخِّرَكُمْ﴾، ووجه قراءته أنه حذف الهمزة التي هي فاء الكلمة؛ لسكونها، وأقرّ همزة أفعل؛ لتحركها، وتقدمها، واعتلالها في الماضي والأمر. اهـ. من «البحر».
وقوله: ﴿بِالْغَيْبِ﴾: الغيب هنا مصدر بمعنى اسم الفاعل، كما مرّت الإشارة إليه، قال أبو السعود: والغيب: إما مصدر وصف به الغائب مبالغة، كالشهادة في قوله تعالى: ﴿عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ﴾؛ أي: ما غاب عن الحسّ والعقل غيبة كاملة بحيث لا يدرك بواحد منهما ابتداء بطريق البداهة، وهو قسمان:
قسم: لا دليل عليه، وهو المراد من قوله تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ﴾.
وقسم: قامت عليه البراهين كالصانع وصفاته، والنبوات وما يتعلق بها من الأحكام، والشرائع، واليوم الآخر، وأحواله من البعث والنشر، والحساب والجزاء، وهو المراد ههنا. فالباء: صلة للإيمان إما بتضمينه معنى الاعتراف، أو بجعله مجازا عن الوثوق، وهو واقع موقع المفعول به. وإمّا مصدر على حاله كالغيبة، فالباء: متعلّقة بمحذوف وقع حالا من الفاعل، كما في قوله تعالى:

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon