ومراقبة الخالق، كأنّك تنظر إليه، كما ورد في الحديث: «أعبد الله كأنّك تراه، فإنّ لم تكن تراه فإنه يراك».
ولما للصلاة من خطر في تهذيب النفوس والسمو بها إلى الملكوت الأعلى، أبان الله سبحانه عظيم آثارها بقوله: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾، وجعلها النبي صلّى الله عليه وسلّم عماد الدين، فقال: «الصلاة عماد الدين، والزكاة قنطرة الإسلام». وقد أمر الله سبحانه بإقامتها بقوله سبحانه: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ﴾، والمحافظة عليها، وإدامتها بقوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ﴾، وبأدائها في أوقاتها بقوله: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَوْقُوتًا﴾، وبأدائها جماعة بقوله: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾، وبالخشوع فيها بقوله: ﴿الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ﴾.
﴿وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ﴾ أي: ومن بعض ما أعطيناهم، وملّكناهم من الأموال؛ لأنّ المراد بالرزق هنا: الملك، وليس المراد به الرزق الحقيقي، إذ لا يمكن تعديه لغيره. وفي قوله: ﴿وَمِمَّا﴾ حذف نون من التبعيضية لفظا وخطّا؛ لإدغامها في ما الموصولة. ﴿يُنْفِقُونَ﴾: ويصرفون إنفاقا واجبا، كالزكاة، والنفقة على الوالدين والعيال، أو مندوبا، كالتوسعة على العيال، ومواساة الأقارب والفقراء، فالإنفاق هنا شامل للواجب والمندوب، كما اختاره ابن جرير. وروي عن ابن عباس: أنّ المراد بها: زكاة الأموال. والرزق في اللغة: العطاء، وفي العرف: ما ينتفع به الحيوان، وهو يتناول الحلال والحرام عند أهل السنة، كما قال أحمد بن رسلان:
يرزق من شاء ومن شا أحرما | والرزق ما ينفع ولو محرّما |