بقوله: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ﴾ وهم أهل الكتاب ﴿أَضاعُوا الصَّلاةَ﴾، وذكر مصيرهم ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾.
والثالثة: طبقة قبلوها وأدّوا بعضا منها، ولم يؤدُّوا بعضا آخر متكاسلين، وهم المنافقون، وذكرهم الله تعالى بقوله: ﴿إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى﴾.
والرابعة: طبقة قبلوها، وهم يراعونها في أوقاتها بشرائطها، ورأسهم المصطفى صلّى الله عليه وسلّم قال الله تعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ﴾، وأصحابه كذلك، وذكرهم الله تعالى بقوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ﴾، وذكر مصيرهم بقوله: ﴿أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ (١٠) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ﴾.
المسألة الثانية: روي (١) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (بعث الله النبي صلّى الله عليه وسلّم بشهادة أن لا إله إلّا الله، فلمّا صدّق زاد الصلاة، فلمّا صدّق زاد الزكاة، فلمّا صدّق زاد الصيام، فلمّا صدّق زاد الحج، ثمّ الجهاد، ثمّ أكمل لهم الدين).
وقال مقاتل: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يصلّي بمكة ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشاء، فلمّا عرج به إلى السماء أمر بالصلوات الخمس، كما في «روضة الأخيار».
وإنما فرضت الصلاة ليلة المعراج؛ لأنّ المعراج أفضل الأوقات، وأشرف الحالات، وأعزّ المناجات، والصلاة بعد الإيمان أفضل الطاعات، وفي التعبّد أحسن الهيئات، ففرض أفضل العبادات في أفضل الأوقات، وهو وصول العبد إلى ربّه، وقربه منه.
المسألة الثالثة: في ذكر بعض الحكم. وأمّا الحكمة في فرضيتها؛ فلأنّه صلّى الله عليه وسلّم لمّا أسري به شاهد ملكوت السموات بأسرها وعبادات سكّانها من الملائكة، فاستكثرها صلّى الله عليه وسلّم غبطة، وطلب ذلك لأمّته، فجمع الله له في الصلوات الخمس