في الهبوط في زمان واحد، أو في أزمنة متفرقة، وكرر (١) الأمر بالهبوط؛ للتأكيد، وإيذانا بتحتم مقتضاه، وتحققه لا محالة، ودفعا لما عسى يقع في أمنيته عليه السلام، من استتباع قبول التوبة للعفو عن ذلك؛ ولأن الأول: دل على أن هبوطهم إلى دار بلية يتعادون فيها، ولا يخلدون. والثاني: أشعر بأنهم أهبطوا للتكليف فاختلف المقصود، وكان يصح لو قرن المعنيان بذكر الهبوط مرة، لكن اعترض بينهما كلام، وهو تلقّيه الكلمات، ونيله قبول التوبة، فأعاد الأول ليتصل المعنى الثاني به، وهو الابتلاء بالعبادة، والثواب على الطاعة، والعقاب على المعصية. وقيل: الأول من الجنة إلى السماء الدنيا. والثاني: منها إلى الأرض.
قال في «الإرشاد» (٢) والثاني مقرون بوعد إيتاء الهدى المؤدي إلى النجاة والنجاح، وما فيه من وعيد العقاب، فليس بمقصود من التكليف قصدا أوليا، بل إنما هو دائر على سوء اختيار المكلفين، ثم إن في الآية دليلا على أن المعصية تزيل النعمة عن صاحبها؛ لأن آدم قد أخرج من الجنة بمعصية واحدة، وهذا كما قال القائل:
إذا تمّ أمر دنا نقصه | توقّع زوالا إذا قيل تم |
إذا كنت في نعمة فارعها | فإن المعاصي تزيل النعم |
وجواب الشرط الأول، هو الشرط الثاني مع جوابه، وهو قوله تعالى: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ﴾؛ أي: اقتدى برسولي، وتمسك بشريعتي. وكرّر (٣) لفظ الهدى، ولم
(٢) أبو السعود.
(٣) روح البيان.