تشكروا نعمة عفوي، وتستمروا بعد ذلك على طاعتي، فإنّ الإنعام يوجب الشكر.
وأصل الشكر: تصوّر النعمة وإظهارها، وحقيقته العجز عن الشكر، والمعنى؛ أي: ثم محونا تلك الجريمة بقبول التوبة، ولم نعاجلكم، بل أمهلناكم حتى جاءكم موسى، وأخبركم بكفارة ذنوبكم؛ ليعدكم بهذا العفو للاستمرار على الشكر على النعم. قاله الجمهور وفي «البحر» ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾؛ أي (١): تثنون عليه تعالى بإسدائه نعمه إليكم، وتظهرون النعمة بالثناء. وقالوا: الشكر باللسان؛ وهو الحديث بنعمة المنعم والثناء عليه بذلك، وبالقلب؛ وهو اعتقاد حق المنعم على المنعم عليه وبالعمل، كما قال تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْرًا﴾ وبالله؛ أي: شكر الله بالله؛ لأنّه لا يشكره حق شكره إلا هو. وقال بعضهم:
وشكر ذوي الإحسان بالقول تارة | وبالقلب أخرى ثمّ بالعمل الأسنى |
وشكري لربّي لا بقلبي وطاعتي | ولا بلساني بل به شكره عنّا |
(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٢) روح البيان.