تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى﴾، وقد يكون الاسم واحدا، والمسمّيات به كثيرة، كالأسماء المشتركة، وذلك يوجب المغايرة، وأيضا فقوله: ﴿فَادْعُوهُ بِها﴾ أمر أن يدعى الله تعالى بأسمائه، فالاسم آلة الدعاء، والمدعو هو الله تعالى، فالمغايرة حاصلة بين ذات المدعو، وبين اللفظ المدعو به.
وأجيب عن قوله تعالى: ﴿إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى﴾ بأنّ المراد: ذات الشخص المعبّر عنه بيحيى، لا نفس الاسم. وأجيب عن قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ و ﴿تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ﴾: بأنّ معنى هذه الألفاظ: يقتضي إضافة الاسم إلى الله تعالى، وإضافة الشيء إلى نفسه محال. وقيل: كما يجب تنزيه ذاته تعالى عن النقص فكذلك يجب تنزيه أسمائه.
وكون الاسم غير التسمية، هو أنّ التسمية: عبارة عن تعيين اللفظ المعيّن؛ لتعريف ذات الشيء، والاسم عبارة عن تلك اللفظة المعينة، والفرق ظاهر مما ذكرنا. واختلفوا في اشتقاق الاسم كما مرّ، فقال البصريون: من السموّ، وهو العلوّ، فاسم الشيء ما علاه حتى ظهر به، وعلا عليه، فكأنه علا على معناه، وصار علما له. وقال الكوفيون: من السمة، وهي العلامة، فكأنّه علامة لمسمّاه.
وحجة البصريين: لو كان الاسم اشتقاقه من السمة؛ لكان تصغيره وسيما، وجمعه أو ساما، وأجمعوا على أنّ تصغيره سميّ، وجمعه أسماء، وآسام.
﴿اللَّهِ﴾: هو اسم (١) خاص لله تعالى، تفرّد به البارىء سبحانه وتعالى، ليس بمشتقّ، ولا يشركه فيه أحد، وهو الصحيح المختار. دليله قوله تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾. وقيل: هو مشتق من أله يأله إلاهة من باب فتح، مثل: عبد الرجل يعبد عبادة. دليله قوله تعالى: ﴿وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ﴾؛ أي: وعبادتك على قراءة قرّاء كسر الهمزة. ومعناه: المستحق للعبادة دون غيره. وقيل: من الوله، وهو الفزع؛ لأن الخلق يولهون إليه؛ أي: يفزعون إليه في حوائجهم. قال بعضهم:

ولهت إليكم في بلايا تنوبني فألفيتكم فيها كرائم محتد
(١) الخازن.


الصفحة التالية
Icon