والمدح: هو الثناء على الجميل مطلقا. تقول: حمدت زيدا على علمه، وكرمه، ولا تقول: حمدته على حسنه، بل مدحته. وقيل: هما أخوان. والشكر أعمّ منهما من وجه، وأخصّ من آخر. وقيل: الحمد باللسان قولا، والشكر بالأركان فعلا، والذمّ نقيض الحمد، والكفران نقيض الشكر، والثناء يستعمل في المدح، والذّم على السواء، فيقال: أثنى لله عليه شرّا كما يقال: أثنى عليه خيرا.
ورفعه بالابتداء، وخبره ﴿لِلَّهِ﴾، وأصله النصب، وقد قرىء به؛ لأنّه من المصادر التي تنصب بأفعال مضمرة أقيمت مقامها، لا تكاد تستعمل معها، كسقيا لك، ورعيا لك. وإنّما عدل عنه إلى الرفع؛ ليدلّ على عموم الحمد، وثباته دون تجدده، وحدوثه، ولهذا أجمع (١) عليها القرّاء السبعة. وقراءة النصب تحتاج إلى عامل مقدر من مادة الحمد، واللام عليها؛ للتبيين، تقديره: أحمد لله، أو حمدت لله، فيتخصّص الحمد؛ بتخصيص فاعله، وأشعر بالتجدد والحدوث، واللام متعلّقة بالعامل المحذوف: ك: لام سقيا لك، وقدر بعضهم عاملا للنصب فعلا غير مشتق من الحمد؛ أي: أقول الحمد لله، أو إلزموا الحمد لله، كما حذفوا من نحو: اللهم وضبعا وذئبا، والأول هو الصحيح؛ لدلالة اللفظ عليه، وقرىء ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ (٢) باتباع الدال اللام، وبالعكس تنزيلا لهما، من حيث إنهما يستعملان معا منزلة كلمة واحدة. قال الشيخ داود القيصري (٣): الحمد قوليّ، وفعليّ، وحاليّ، أمّا القولي: فحمد اللسان، وثناؤه عليه بما أثنى به الحق على نفسه، على لسان أنبيائه عليهم السلام، وأمّا الفعليّ: فهو الإتيان بالأعمال البدنية من العبادات، والخيرات؛ ابتغاء لوجه الله تعالى، وتوجها إلى جنابه الكريم؛ لأنّ الحمد كما يجب على الإنسان باللسان، كذلك يجب عليه بحسب كلّ عضو، بل على كلّ عضو، كالشكر، وعند كلّ حال من الأحوال، كما قال النبي صلّى الله عليه وسلّم «الحمد لله على كلّ حال»، وذلك لا يمكن، إلّا باستعمال كلّ عضو فيما خلق لأجله، على الوجه
(٢) البيضاوي.
(٣) روح البيان.